الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن يلي الحجر]

                                                                                                                                                                                        الحجر إلى الآباء والسلطان والسيد فذلك إلى الأب في صغار بنيه في الحياة وعند الوفاة يقيم لهم وصيا وفي الإناث وإن كن كبارا ما لم يتزوجن، ويدخل بهن أزواجهن والسلطان في الصغار عند عدم الأب أو وصيه في [ ص: 5588 ] الكبار مع وجود الأب إذا أحدث بعد البلوغ ما يوجب الحجر فإن ذلك إلى السلطان دون الأب يوقفه للناس ويبيع لذلك .

                                                                                                                                                                                        قال في المدونة في مجلسه: ويشهد على ذلك السيد في عبده ، وقد مضى ذلك في كتاب المأذون وزوال الحجر إلى السلطان إذا كان المحجور عليه في ولاية.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان في ولاية وصي الأب أو من أقامه السلطان فقال ابن القاسم في العتبية في الوصي : إذا تبين له الرشد من يتيمه دفع إليه ما له، وإن شك في أمره لم يدفعه إلا بأمر السلطان .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في كتاب محمد: من دفع إليه الإمام مال غلام مولى عليه فحسن حاله دفع إليه ماله وهو فيه كالوصي يتبين له حسن حال وليه .

                                                                                                                                                                                        وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: لا ينفك الحجر بحكم أو بغير حكم إلا بحكم الحاكم وسواء في ذلك الصبي والمجنون والبالغ والمفلس .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: قول مالك وابن القاسم هو الأصل في ذلك أن النظر في ذلك لمن هو في ولايته ، فإذا علم حسن حاله دفع إليه ماله وهو مقتضى [ ص: 5589 ] الآية، في قوله سبحانه: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم الآية [النساء: 6] ، فجعل الدفع لمن إليه الابتلاء وهو الذي إليه أمره والقول الآخر اليوم أحسن لفساد حال الناس وكثيرا ما يقام غير المأمون بينهم أن يقول رشيد لمن ليس برشيد ليصانعه ويشهد له المولى عليه بالبراءة فلا يمكن من ذلك أحد اليوم، وإن أراد الولي حكما من القاضي لم يحكم له بالرشد بمجرد قوله بالرشد إلا أن يثبت ذلك عنده.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في العتبية: إذا لم يثبت رشده كتب له أن فلانا أتاني بفتى صفته كذا وزعم أن اسمه فلان، وذكر أن أباه أوصى به إليه، وذكر أنه بلغ مبلغ الأخذ لنفسه والإعطاء منها ويزيد في المرأة أنه قد ابتني بها وسألني أن آمره أن يدفع إليه ماله ويكتب له براعة فأمرته بالدفع وحكمت له بالبراءة، فحكم له بالبراءة ولم يحكم له بالرشد ؛ لأنه لم يثبت عنده، ومحمل قوله: إنه حكم له بالقدر الذي دفع وليس أنه دفعه بوجه جائز؛ لأن ذلك لا يكون إلا بإثبات الرشد.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية