بيان . ذم المال ، وكراهة حبه
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وقال تعالى : إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم فمن اختار ماله وولده على ما عند الله فقد خسر وغبن خسرانا عظيما وقال عز وجل : من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها الآية وقال تعالى إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقال تعالى : ألهاكم التكاثر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حب المال ، والشرف ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .
وقال صلى الله عليه وسلم : ما ذئبان ضاريان أرسلا في زريبة غنم بأكثر إفسادا فيها من حب الشرف والمال ، والجاه في دين الرجل المسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : هلك المكثرون إلا من قال به في عباد الله هكذا ، وهكذا ، وقليل ما هم .
وقيل : يا رسول الله ، أي أمتك شر ؟ قال : الأغنياء .
وقال صلى الله عليه وسلم : سيأتي بعدكم قوم يأكلون أطايب الدنيا ، وألوانها ويركبون فره الخيل وألوانها ، وينكحون أجمل النساء وألوانها ، ويلبسون أجمل الثياب وألوانها ، لهم بطون من القليل لا تشبع ، وأنفس بالكثير لا تقنع عاكفون على الدنيا يغدون ويروحون إليها ، اتخذوها آلهة من دون إلههم ، وربا دون ربهم ، إلى أمرها ينتهون ولهواهم يتبعون ، فعزيمة من محمد بن عبد الله لمن أدركه ذلك الزمان من عقب عقبكم ، وخلف خلفكم أن لا يسلم عليهم ، ولا يعود مرضاهم ، ولا يتبع جنائزهم ، ولا يوقر كبيرهم ، فمن فعل ذلك ، فقد أعان على هدم الإسلام .
وقال صلى الله عليه وسلم : من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه ، أخذ حتفه وهو لا يشعر . دعوا الدنيا لأهلها
وقال صلى الله عليه وسلم : يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت .
وقال رجل : يا رسول الله ما لي ، لا أحب الموت ? فقال : هل معك من مال ? قال : نعم يا رسول الله ، قال : قدم مالك فإن قلب المؤمن مع ماله إن قدمه .
أحب أن يلحقه ، وإن خلفه أحب أن يتخلف معه .
وقال صلى الله عليه وسلم : أخلاء ابن آدم ثلاثة : واحد يتبعه إلى قبض روحه ، والثاني : إلى قبره ، والثالث : إلى محشره ، فالذي يتبعه إلى قبض روحه ، فهو ماله ، والذي يتبعه إلى قبره فهو أهله ، والذي يتبعه إلى محشره فهو عمله .
وقال الحواريون لعيسى عليه السلام ما لك تمشي على الماء ، ولا نقدر على ذلك ، فقال لهم : ما منزلة الدينار والدرهم عندكم ? قالوا : حسنة ، قال لكنهما : والمدر عندي سواء وكتب إلى سلمان الفارسي رضي الله عنهما يا أخي أبي الدرداء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إياك أن تجمع من الدنيا ما لا تؤدي شكره ، يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها ، وماله بين يديه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله امض فقد أديت حق الله في ثم يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيها وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله : ويلك ألا أديت حق الله في ، فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور .
وكل ما أوردناه في كتاب الزهد والفقر في ذم الغنى ، ومدح الفقر يرجع جميعه إلى ذم المال ، فلا نطول بتكريره ، وكذا كل ما ذكرناه في ذم الدنيا فيتناول ذم المال بحكم العموم ; لأن المال أعظم أركان الدنيا ، وإنما نذكر الآن ما ورد في المال خاصة .
قال صلى الله عليه وسلم : إذا مات العبد قالت الملائكة : ما قدم ? وقال الناس : ما خلف وقال صلى الله عليه وسلم: : لا تتخذوا الضيعة فتحبوا الدنيا .