70 - مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، ويكنى أبا محمد :
تزوج حمنة بنت جحش فولدت له زينب . وكان شابا جميلا عطرا حسن الكسوة ، وكانا أبواه ينعمانه ، فبلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس في دار الأرقم ، فدخل فأسلم وكتم إسلامه من قومه وأمه ، وكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرا ، فبصر به يصلي فأخبر أمه وقومه ، فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض عثمان بن طلحة الحبشة في الهجرة الأولى ، ثم رجع مع المسلمين ، وأقبل يوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه قطعة من نمرة قد وصلها بإهاب ، فنكس أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم رءوسهم رحمة له ، وليس عندهم ما يغيرون عليه ، فسلم فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ، وقال: "لقد رأيت هذا وما بمكة فتى [من قريش] أنعم عند أبويه منه ، ثم أخرجه من ذلك الرغبة [في الخير] في حب الله ورسوله" . [ ص: 194 ]
ثم المدينة أول من هاجر ، وذلك أن الأنصار كتبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاجر إلى
ابعث لنا رجلا يفقهنا في الدين ويقرئنا القرآن ، فبعث إليهم فنزل على مصعب بن عمير ، وكان يأتي الأنصار في دورهم وقبائلهم فيدعوهم إلى الإسلام ، وأظهر الإسلام في دور الأنصار ، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن أن يجمع بهم في دار أسعد بن زرارة ابن خيثمة ، وكانوا يومئذ اثني عشر رجلا ، وهو أول من جمع في الإسلام يوم الجمعة .
وقد قيل: إن أول من جمع بهم أبو أمامة أسعد بن زرارة .
ثم خرج من مصعب بن عمير المدينة مع السبعين الذين وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة الثانية ، فقدم مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقرب منزله ، فجعل يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسراع الأنصار إلى الإسلام فسر بذلك . . وبعثت إليه أمه: يا عاق ، أتقدم بلدا أنا به ولا تبدأ بي ، فقال: ما كنت لأبدأ بأحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى أمه فأرادت حبسه ، فقال: إن حبستني لأحرضن على قتل من يتعرض لي ، فبكت وقالت: اذهب لشأنك ، فقال: يا أماه ، إني لك ناصح وعليك شفيق ، فأسلمي ، قالت: والثواقب لا أدخل في دينك .
وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر ، وقدم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا لهلال ربيع الأول قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم باثنتي عشرة ليلة .
أحد . وكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعظم لواء المهاجرين يوم بدر معه ويوم
ولما جال المسلمون ثبت به وأقبل ابن قميئة وهو فارس فضرب يده اليمنى فقطعها ، ومصعب يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل فأخذ اللواء بيده اليسرى ، وحنا عليه فضرب يده اليسرى فقطعها ، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره ، وهو يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية . ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه واندق الرمح ووقع مصعب وسقط [ ص: 195 ] اللواء ، فابتدره رجلان من بني عبد الدار : سويبط بن سعد ، وأبو الروم بن عمير ، فأخذه أبو الروم ولم يزل في يديه حتى دخل به المدينة .
قال محمد بن عمر : قال إبراهيم بن محمد ، عن أبيه: ما نزلت هذه الآية: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل يومئذ حتى نزلت بعد ذلك .
ووقف رسول الله صلي الله عليه وسلم على فقرأ: مصعب بن عمير ، من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .
وقتل وهو ابن أربعين سنة أو يزيد شيئا .
أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا الجوهري ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا ابن حيويه ، ابن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا أبو معاوية ، قال: أخبرنا عن الأعمش ، شقيق ، عن قال: خباب بن الأرت ، أحد ] ، فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة ، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه ، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها فيما يلي رأسه ، واجعلوا على رجليه من الإذخر" . ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها . هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله ، فمنا من مضى ولم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير [قتل يوم
71 - النعمان بن مالك بن ثعلبة :
قال مؤلف الكتاب: وثعلبة هو الذي يسمى قوقل ، كان يقول للخائف: قوقل حيث شئت فإنك آمن . [ ص: 196 ]
شهد بدرا وأحدا وقتل يومئذ ، قتله . صفوان بن أمية
72 - نوفل بن عبد الله بن نضلة بن مالك بن العجلان :
شهد بدرا وأحدا وقتل يومئذ .
73 - وهب بن قابوس المزني :
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر ، قال: أنبأنا البرمكي ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا ابن حيويه ، ابن معروف ، قال: أخبرنا ابن الفهم ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: أقبل وهب بن قابوس ومعه ابن أخيه الحارث بن عقبة بغنم لهما من جبل مزينة ، فوجدا المدينة خالية ، فسألا: أين الناس؟ فقالوا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين ، فقالا: لا نسأل أثرا بعد عين ، فأسلما ، ثم خرجا فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم بأحد ، فإذا الدولة للمسلمين ، فأغارا مع المسلمين في النهب ، وقاتلا أشد القتال . وكانت قد افترقت فرقة من المشركين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لهذه الفرقة؟" فقال وهب: أنا ، فرماهم بالنبل حتى انصرفوا ، ثم رجع فانفرقت أخرى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لهذه؟" فقال المزني: أنا ، [فذبها بالسيف حتى ولوا ورجع المزني ، ثم طلعت كتيبة أخرى ، فقال: "من يقوم لها؟" ، فقال المزني: أنا] ، فقال: "قم وأبشر بالجنة" ، فقام المزني مسرورا يقول: والله لا أقيل ولا أستقيل ، فجعل يدخل فيهم فيضرب بالسيف حتى يخرج من أقصاهم حتى قتلوه ومثلوا به ، ثم قام ابن أخيه الحارث فقاتل نحو قتاله حتى قتل ، فوقف عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما مقتولان فقال: "رضي الله عنك فإني عنك راض" . ثم قام على قدميه وقد نال ما نال من الجراح ، فلم يزل قائما حتى وضع المزني في لحده . وكان عمر وسعد بن مالك يقولان: ما حال نموت عليها أحب إلينا من أن نلقى الله عز وجل على حال المزني .