مرثد بن أبي مرثد الغنوي إلى الرجيع في صفر سرية
روى عن أشياخه : ابن إسحاق عاصم بن ثابت ، ومرثد بن أبي مرثد ، وعبد الله بن طارق ، وخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، وخالد بن أبي البكير ، ومعتب بن عبيد .
وفيمن أمره عليهم ، قولان: أحدهما: مرثد ، والآخر عاصم .
فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء لهذيل ، غدروا بالقوم واستصرخوا عليهم هذيلا ، فخرجوا بني لحيان فلم يرع القوم إلا الرجال بأيديهم السيوف ، فأخذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السيوف بأيديهم ، فقالوا للمشركين: إنا والله ما نريد إلا أن نصيب بكم ثمنا من أهل مكة ، ولكم العهد والميثاق ألا نقتلكم .
فأما عاصم ، ومرثد ، وخالد ، ومعتب فقالوا: والله لا نقبل من مشرك عهدا ، فقاتلوهم حتى قتلوا .
وأما زيد ، وخبيب ، وابن طارق ، فاستأسروا [وأعطوا بأيديهم] وأرادوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد - وكانت نذرت أن تشرب في قحفه الخمر - لأنه قتل ابنيها يوم أحد؛ فحمته الدبر ، فلم يقدروا عليه ، فقال: أمهلوه حتى يمسي فتذهب عنه ، فبعث الله الوادي فاحتملته وخرجوا بالنفر الثلاثة ، حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده منهم ، وأخذ سيفه ، واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه ، فقبره بمر الظهران ، وقدموا بخبيب وزيد إلى مكة فابتاع حجير بن أبي إهاب خبيبا لابن أخته عقبة بن الحارث ليقتله بابنه ، وابتاع صفوان بن أمية زيدا ليقتله بأبيه ، فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم ، ثم أخرجوهما إلى التنعيم فقتلوهما .
وقال قائل لزيد عند قتله: أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمدا [عندنا] مكانك ، فقال: والله ما أحب أن محمدا يشاك في مكانه بشوكة وإني جالس في أهلي ، فقال أبو سفيان: والله ما رأيت من قوم قط أشد حبا لصاحبهم من أصحاب محمد [له] . أن قوما من المشركين قدموا على رسول [ ص: 201 ] الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: إن فينا إسلاما؛ فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا ويقرئونا القرآن ، ويعلمونا شرائع الإسلام ، فبعث صلى الله عليه وسلم معهم عشرة ، منهم:
أخبرنا أبو الوقت ، قال: أخبرنا ابن طلحة ، قال: أخبرنا ابن أعين ، قال: أخبرنا [ ص: 202 ] محمد بن يوسف ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا البخاري قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل ، إبراهيم ، قال: أخبرنا قال: أخبرني ابن شهاب ، عمرو بن أسيد بن حارثة الثقفي ، عن قال: أبي هريرة
عاصم بن ثابت الأنصاري ، حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان ومكة ، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام ، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه ، فقالوا: تمر يثرب فاتبعوا آثارهم ، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه ، لجئوا إلى موضع ، فأحاط بهم القوم ، فقالوا لهم: انزلوا فأعطوا بأيديكم ، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا ، فقال عاصم: أيها القوم ، أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم ، فرموهم بالنبل ، فقتلوا عاصما في سبعة من أصحابه ، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق ، منهم خبيب ، وزيد بن الدثنة ، ورجل آخر ، فلما استمكنوا منهم ، أطلقوا أوتار قسيهم ، فربطوهم بها ، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر ، والله لا أصحبكم ، إن لي بهؤلاء أسوة ، يريد القتلى ، فجروه وعالجوه؛ فأبى أن يصحبهم فقتلوه .
وانطلقوا بخبيب وزيد ، حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر ، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خبيبا ، وكان خبيب هو الذي قتل الحارث بن عامر يوم بدر ، فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى أجمعوا على قتله ، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها للقتل؛ فأعارته ، فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه ، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ، ففزعت فزعة عرفها خبيب ، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك ، قالت:
والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب ، والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد ، وما بمكة من ثمرة ، فكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا ، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الجبل ، قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين ، فتركوه فصلى ركعتين ، وقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع . لزدت ، اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ، وقال:
فلست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك في أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله ، وكان خبيب هو الذي سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة . بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة عينا وأمر عليهم
قال مؤلف الكتاب: ثم أسلم أبو سروعة ، وروى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخرج له في صحيحه ثلاثة أحاديث البخاري