وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل عطف على جملة ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ، أي : تسل عنهم ولا تملل من دعوتهم وأنذرهم .
والناس : يعم جميع البشر ، والمقصود : الكافرون ، بقرينة قوله يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ، ولك أن تجعل الناس ناسا معهودين وهم المشركون .
و يوم يأتيهم العذاب منصوب على أنه مفعول ثان لـ " أنذر " ، وهو مضاف إلى الجملة ، وفعل الإنذار يتعدى إلى مفعول ثان على التوسع لتضمينه معنى التحذير ، كما في الحديث ما من نبي إلا أنذر قومه الدجال ، وإتيان العذاب مستعمل في معنى وقوعه مجازا مرسلا .
والعذاب : عذاب الآخرة ، أو عذاب الدنيا الذي هدد به المشركون و الذين ظلموا : المشركون .
[ ص: 248 ] وطلب تأخير العذاب إن كان مرادا به عذاب الآخرة فالتأخير بمعنى تأخير الحساب ، أي : يقول الذين ظلموا : أرجعنا إلى الدنيا لنجيب دعوتك ، وهذا كما في قوله تعالى رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ، فالتأخير مستعمل في الإعادة إلى الحياة الدنيا مجازا مرسلا بعلاقة الأول ، والرسل : جميع الرسل الذين جاءوهم بدعوة الله .
وإن حمل على عذاب الدنيا فالمعنى : أن المشركين يقولون ذلك حين يرون ابتداء العذاب فيهم ، فالتأخير على هذا حقيقة ، والرسل على هذا المحمل مستعمل في الواحد مجازا ، والمراد به محمد - صلى الله عليه وسلم - .
والقريب : القليل الزمن ، شبه الزمان بالمسافة ، أي : أخرنا مقدار ما نجيب به دعوتك .