[ ص: 306 ] ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا .
هذا نهي جامع عن ملابسة شيء مما يأمره به المشركون ، والمقصود من النهي تأسيس قاعدة لأعمال الرسول والمسلمين تجاه رغائب المشركين ، وتأييس المشركين من نوال شيء مما رغبوه من النبيء صلى الله عليه وسلم .
وماصدق ( من ) كل من اتصف بالصلة ، وقيل نزلت في أمية بن خلف الجمحي ، دعا النبيء صلى الله عليه وسلم إلى طرد فقراء المسلمين عن مجلسه حين يجلس إليه هو وأضرابه من سادة قريش .
والمراد بإغفال القلب : جعله غافلا عن التفكر في الوحدانية حتى راج فيه الإشراك ، فإن ذلك ناشئ عن خلقة عقول ضيقة التبصر مسوقة بالهوى والإلف .
وأصل الإغفال : إيجاد الغفلة ، وهي الذهول عن تذكر الشيء ، وأريد بها هنا غفلة خاصة ، وهي الغفلة المستمرة المستفادة من جعل الإغفال من الله تعالى كناية عن كونه في خلقة تلك القلوب ، وما بالطبع لا يتخلف .
وقد اعتضد هذا المعنى بجملة واتبع هواه ، فإن اتباع الهوى يكون عن بصيرة لا عن ذهول ، فالغفلة خلقة في قلوبهم ، واتباع الهوى كسب من قدرتهم .
والفرط بضمتين : الظلم والاعتداء ، وهو مشتق من الفروط وهو السبق ; لأن الظلم سبق في الشر .
والأمر : الشأن والحال .
وزيادة فعل الكون ; للدلالة على تمكن الخبر من الاسم ، أي حالة تمكن الإفراط والاعتداء على الحق .