يا رأس أهل العلوم السادة البرره ومن نداه على كل الورى نشره ما سر تكرار ( إحدى ) دون ( تذكرها )
في آية لذوي الإشهاد في البقره وظاهر الحال إيجاز الضمير على
تكرار ( إحداهما ) لو أنه ذكره وحمل الاحدى على نفس الشهادة في
أولاهما ليس مرضيا لدى المهره فغص بفكرك لاستخراج جوهرة
من بحر علمك ثم ابعث لنا درره
فأجاب القاضي
يا من فوائده بالعلم منتشره ومن فضائله بالكون مشتهره
يا من تفرد في كشف العلوم لقد وافى سؤالك والأسرار مستتره
تضل إحداهما " فالقول محتمل كليهما فهي للإظهار مفتقره
ولو أتى بضمير كان مقتضيا تعيين واحدة للحكم معتبره
ومن رددتم عليه الحل فهو كما أشرتم ليس مرضيا لمن سبره
هذا الذي سمح الذهن الكليل به والله أعلم في الفحوى بما ذكره
وقد علل بعضهم كون النساء عرضة للضلال أو النسيان بأنهن ناقصات عقل ودين ، وعلله بعضهم بكثرة الرطوبة في أمزجتهن ، وقال الأستاذ الإمام : تكلم المفسرون في هذا وجعلوا سببه المزاج ، فقالوا : إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان ، وهذا غير متحقق ، والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات ، فلذلك تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية التي هي شغلها ، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، يعني أن من طبع البشر ذكرانا وإناثا أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثر اشتغالهم بها ، ولا ينافي ذلك اشتغال بعض نساء الأجانب في هذا العصر بالأعمال المالية فإنه قليل لا يعول عليه ، والأحكام العامة إنما تناط بالأكثر في الأشياء وبالأصل فيها .
وقال الأستاذ الإمام : إن الله - تعالى - ، فإذا تركت إحداهما شيئا من الشهادة ، كأن نسيته أو ضل عنها تذكرها الأخرى وتتم شهادتها ، وللقاضي بل عليه أن يسأل إحداهما بحضور الأخرى ويعتد بجزء الشهادة من إحداهما وبباقيها من الأخرى ، قال : هذا هو الواجب وإن كان القضاة لا يعملون به جهلا منهم ، وأما الرجال فلا يجوز له أن يعاملهم بذلك ، بل عليه أن يفرق بينهم ، فإن قصر أحد الشاهدين أو نسي فليس للآخر أن يذكره ، وإذا ترك شيئا تكون الشهادة باطلة ، يعني إذا ترك شيئا مما يبين الحق فكانت شهادته وحده غير كافية لبيانه فإنها لا يعتد بها ولا بشهادة الآخر وحدها وإن بينت . جعل شهادة المرأتين شهادة واحدة