أولئك الذين لعنهم الله أي : أولئك الذين بينا سوء حالهم هم الذين لعنهم الله ، أي : اقتضت سنته في خلقه أن يكونوا بعداء عن موجبات رحمته وعنايته من الإيمان بالله وحده والكفر بالجبت والطاغوت ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أي : ومن يلعنه الله بالمعنى الذي ذكرناه آنفا فلن ينصره أحد من دونه ; إذ لا سبيل لأحد إلى تغيير سننه تعالى في خلقه ، ومنها أن يكون الخذلان والانكسار نصيب المؤمنين بالجبت والطاغوت ، أي : بمثار الدجل [ ص: 129 ] والخرافات والطغيان ، أي مجاوزة سنن الفطرة وحدود الشريعة ، ولا سيما إذا أراد هؤلاء مقاومة أهل التوحيد والحق والاعتدال في سياستهم وأعمالهم بسيرهم على سنن الاجتماع فيها ، وهذه الآية تدل على أن سبب لعن الله للأمم هو إيمانها بالخرافات والأباطيل والطغيان ، وأنه تعالى إنما ينصر المؤمنين باجتنابهم ذلك ، وتدل بطريق اللزوم على أن الأمم المغلوبة تكون أقرب إلى الجبت والطاغوت من الأمم الغالبة المنصورة ، فليحاسب المسلمون أنفسهم بها وبما في معناها من الآيات ، كقوله تعالى : وكان حقا علينا نصر المؤمنين ( 30 : 47 ) ، ليتبين لهم من كتاب ربهم صدقهم في دعوى الإيمان من عدمه ، ولعلهم يرجعون إليه ويعولون في أمر دينهم ودنياهم عليه .