ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما هذا بيان للمخرج من الذنب بعد وقوعه ، والسوء ما يسوء أي ما يترتب عليه الغم والكدر وفسروه بالذنب مطلقا ; لأن عاقبته تسوء ولو عند الجزاء . وهذه الآيات تشير إلى كل نوع من أنواع الذنوب التي ارتكبت في القصة التي نزل السياق بسببها .
الأستاذ الإمام : هذه الآيات تحذير من أعداء الحق والعدل الذين يحاولون هدم ركنهما ، وهذا الركن هو المقصود من الشرائع ، وإنما يمتثل هذا التحذير بالاجتهاد وتحري العدل وعدم الاغترار بظواهر الخصماء ، والسوء ما يسوء به الإنسان غيره ، والظلم ما كان ضرره خاصا بالعامل كترك الفريضة ، أي : هذا هو المراد بهما هنا ، والاستغفار طلب المغفرة من الله - تعالى - ، ويتضمن ذلك لازمه وهو الشعور بقبح الذنب والتوبة منه ، ولسيدنا - خطبة في تفسير الاستغفار بالتوبة التي تذيب الشحم وتفني العظم ، ومعنى وجدانه الله غفورا رحيما أن الله أكرم من أن يرد توبة عبده إذا اطلع على قلبه وعلم منه الصدق والإخلاص . علي - كرم الله وجهه
أقول : وقد كنت كتبت في مذكراتي عن الدرس عندما تقدم أنه لا بد من نكتة لهذا التعبير وهي : وتركت بياضا لأكتب فيه ما ظهر لي من النكتة ثم نسيته إلى الآن ، ولعل المراد بوجدان الله غفورا رحيما هو أن التائب المستغفر يجد أثر المغفرة في نفسه بكراهة الذنب وذهاب داعيته ، ويجد أثر الرحمة بالرغبة في الأعمال الصالحة التي تطهر النفس وتزيل ذلك الدرن منه ، فيكون السوء أو الظلم الذي تاب منه العبد مصداقا لقول ابن عطاء الله الإسكندري : رب معصية أورثت ذلا وانكسارا ، خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا ، والمراد الذل والانكسار لله - عز وجل - الذي يورث صاحبه العزة والرفعة مع غيره ، وفي الآية ترغيب لطعمة وأنصاره في التوبة .