وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ، أي : متثاقلين لا رغبة تبعثهم ولا نشاط ; لأنهم لعدم إيمانهم لا يرجون فيها ثوابا في الآخرة ، ولا يبتغون بها تربية ملكة مراقبة الله تعالى وحبه والأنس بذكره ومناجاته لتنتهي نفوسهم بذلك عن الفحشاء والمنكر ، وتكون أهلا لرضوان الله الأكبر ، كما هو شأن المؤمنين الصادقين ، وإنما هي عندهم كلفة مستثقلة ، فإذا كانوا بمعزل عن المؤمنين تركوها ، وإذا كانوا معهم سايروهم بالقيام إليها يراءون الناس بها ، أي : يبتغون بذلك أن يراهم الناس المؤمنون فيعدوهم منهم ، فالكسل : التثاقل عما ينبغي النشاط فيه ، أن يكون المرء الذي يرائيك بحيث تراه كما يراك ، فهو فعل مشاركة من الرؤية والمراءاة ولا يذكرون الله إلا قليلا ، قيل : معناه أنهم لا ينطقون إلا بالأذكار الجهرية التي يسمعها الناس كالتكبيرات ، وقول : " سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد " عند القيام من الركوع ، والسلام ، وقيل : إن المراد بالذكر هنا ذكر النفس ، وإنما يقع هذا من المرتابين دون الجاحدين ، وقيل : إن المراد به الصلاة أي لا يصلون إلا قليلا ، وذلك إذا أدركتهم الصلاة وهم مع المؤمنين ، وكل هذه الأقوال قريبة ، ويجوز أن تراد كلها من اللفظ عند بعض العلماء ، ولعل القول الثاني أقواها ، هذه حال منافقي الصدر الأول ، ومنافقو هذا العصر الأخير شر منهم لا يقومون إلى الصلاة ألبتة ، ولا يرون للمؤمنين قيمة في دنياهم فيراءوهم فيها ، وإنما يقع الرياء بالصلاة من بعضهم إذا صاروا وزراء وحضروا مع السلاطين والأمراء بعض المواسم الدينية الرسمية ، وقلما يحضرون معهم غير المواسم المبتدعة كليلة المعراج وليلة النصف من شعبان وليلة المولد النبوي .