مسألة
لا خلاف في إذا كان متصلا ، واختلف في التسامح بالوقف على المستثنى منه دون المستثنى : فمنهم من يجوزه مطلقا ، ومنهم من يمنعه مطلقا ، وفصل الاستثناء المنقطع في " أماليه " فقال : يجوز إن صرح بالخبر ، ولا يجوز إن لم يصرح به ; لأنه إذا صرح بالخبر استقلت الجملة واستغنت عما قبلها ، وإذا لم يصرح به كانت مفتقرة إلى ما قبلها ، قال : ووجه من جوز مطلقا أنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه ، فكان مثل قولنا : زيد ، لمن قال : من أبوك ؟ ألا ترى أن تقدير المنقطع في قولك : ما في الدار أحد إلا الحارث ; لكن الحارث في الدار ، ولو قلت : لكن الحارث ، مبتدئا به بعد [ ص: 512 ] الوقوف على ما قبله لكان حسنا ; ألا ترى إلى جواز الوقف بالإجماع على مثل قوله : ابن الحاجب إن الله لا يظلم الناس شيئا ( يونس : 44 ) ، والابتداء بقوله : ولكن الناس أنفسهم يظلمون ، فكذلك هذا ، ووجه من قال بالمنع ما رأى من احتياج الاستثناء المنقطع إلى ما قبله لفظا ومعنى ; أما اللفظ فلأنه لم يعهد استعمال " إلا " وما في معناها إلا متصلا بما قبلها لفظا ، ألا ترى أنك إذا قلت : ما في الدار أحد غير حمار ، فوقفت على ما قبل " غير " وابتدأت به كان قبيحا ، فكذلك هذا ، وأما المعنى فلأن ما قبله مشعر بتمام الكلام في المعنى ، فإن : ما في الدار أحد إلا الحمار ، هو الذي صحح قولك : " إلا الحمار " ألا ترى أنك لو قلت : " إلا الحمار " على انفراده كان خطأ .