مسألة : الأولى أن يقرأ على : قال في شرح المهذب : لأن ترتيبه لحكمة ، فلا يتركها إلا فيما ورد فيه الشرع ، كصلاة صبح يوم الجمعة ب الم تنزيل و هل أتى ونظائره ، فلو فرق السور أو عكسها جاز وترك الأفضل . ترتيب المصحف
قال : وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفق على منعه ، لأنه يذهب بعض نوع الإعجاز ، ويزيل حكمة الترتيب .
قلت : وفيه أثر ، أخرج بسند جيد ، عن الطبراني : أنه سئل عن رجل يقرأ [ ص: 358 ] القرآن منكوسا ، قال : ذاك منكوس القلب . ابن مسعود
وأما خلط سورة بسورة : فعد الحليمي تركه من الآداب ، لما أخرجه أبو عبيد ، عن : سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة ، فقال : يا بلال ، مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة .
قال : أخلط الطيب بالطيب .
فقال : اقرأ السورة على وجهها - أو قال - على نحوها . مرسل صحيح ، وهو عند أبي داود موصول عن بدون آخره . أبي هريرة
وأخرجه أبو عبيد من وجه آخر ، عن عمر مولى غفرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا قرأت السورة فأنفذها لبلال .
وقال : حدثنا معاذ عن ابن عون قال : سألت عن الرجل يقرأ من السورة آيتين ، ثم يدعها ويأخذ في غيرها ؟ . قال : ليتق أحدكم أن يأثم إثما كبيرا وهو لا يشعر . ابن سيرين
[ ص: 359 ] وأخرج عن قال : إذا ابتدأت في سورة ، فأردت أن تتحول منها إلى غيرها فتحول ، إلا ابن مسعود قل هو الله أحد . فإذا ابتدأت فيها فلا تتحول منها حتى تختمها .
وأخرج عن قال : كانوا يكرهون أن يقرءوا بعض الآية ويدعوا بعضها . ابن أبي الهذيل
قال أبو عبيد : الأمر عندنا على كراهة قراءة الآيات المختلفة ، كما أنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بلال ، وكما كرهه . ابن سيرين
وأما حديث عبد الله : فوجهه عندي أن يبتدئ الرجل في السورة يريد إتمامها ، ثم يبدو له في أخرى ، فأما من ابتدأ القراءة وهو يريد التنقل من آية إلى آية ، وترك التأليف لآي القرآن ، فإنما يفعله من لا علم له ; لأن الله لو شاء لأنزله على ذلك . انتهى .
وقد نقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية آية من كل سورة .
قال البيهقي : وأحسن ما يحتج به أن يقال : إن هذا التأليف لكتاب الله مأخوذ من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذه عن جبريل ، فالأولى للقارئ أن يقرأه على التأليف المنقول ، وقد قال : تأليف الله خير من تأليفكم . ابن سيرين