الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 4039 ] الفصل الثاني

6272 - عن أنس عن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر قبل اليمن فقال : اللهم أقبل بقلوبهم وبارك لنا في صاعنا ومدنا . رواه الترمذي .

التالي السابق


الفصل الثاني

6272 - ( عن أنس ، عن زيد بن ثابت ) : هذا نقل الصحابي عن مثله ، فيكون من باب نقل الأقران والأظهر أنه من نقل الأصاغر عن الأكابر ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر قبل اليمن ) ، بكسر القاف وفتح الموحدة أي : إلى جانبه ( فقال : " اللهم أقبل " ) : أمر من الإقبال والباء في قوله : ( " بقلوبهم " ) ، للتعدية ، والمعنى اجعل قلوبهم مقبلة إلينا ، وإنما دعا بذلك لأن طعام أهل المدينة كان يأتيهم من اليمن ، ولذا عقبه ببركة الصاع والمد لطعام يجلب لهم من اليمن فقال : ( " وبارك لنا في صاعنا ومدنا " ) . وأراد بهما الطعام المكتال بهما ، فهو من باب إطلاق الظرف وإرادة المظروف أو المضاف مقدر ، أي : طعام صاعنا ومدنا ، ثم الصاع على ما في القاموس أربعة أمداد كل مد رطل وثلث ، والرطل ويكسر اثنتا عشرة أوقية ، والأوقية أربعون درهما . قال الداودي : معيار المد الذي لا يختلف أربع حفنات بكفي الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا بصغيرهما ، إذ ليس كل مكان يوجد فيه صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ . وجربت ذلك فوجدته صحيحا ، تم كلامه .

وقال التوربشتي : وجه التناسب بين الفصلين أن أهل المدينة ما زالوا في شدة من العيش ، وعوز من الزاد لا تقوم أقواتهم لحاجتهم ، فلما دعا الله بأن يقبل عليهم بقلوب أهل اليمن إلى دار الهجرة وهو الجم الغفير دعا الله بالبركة في طعام أهل المدينة ليتسع على القاطن بها والقادم عليها ، فلا يسأم المقيم من القادم عليه ، ولا تشق الإقامة على المهاجرين إليها . ( رواه الترمذي ) .

وفي الجامع : " اللهم إن إبراهيم كان عبدك وخليلك دعاك لأهل مكة بالبركة ، وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثل ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين " . رواه الترمذي عن علي .




الخدمات العلمية