الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1208 ] 1675 - وعنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة قال : اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده . رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


1675 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة . ( قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة قال : اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا ) أي : حاضرنا . ( وغائبنا ) قال ميرك : وجه الجمع بين تعميم هذا الحديث وتخصيص ما مر ، الجمع بين الدعاءين للميت خاصة ، وللمسلمين عامة اهـ . لا منع من الجمع لكن الكلام في الورود ، وإذا ورد ففي الوجوب . ( وصغيرنا وكبيرنا ) قال ابن حجر : الدعاء في حق الصغير لرفع الدرجات اهـ . ويدفعه ما ورد : أنه صلى الله عليه وسلم صلى على طفل لا يعمل خطيئة قط . فقال : اللهم قه عذاب القبر وضيقه ، ويمكن أن يكون المراد بالصغير والكبير الشاب ، والشيخ فلا إشكال ، وتكلف ابن الملك وغيره ، ونقل التوربشتي عن الطحاوي : أنه سئل عن معنى الاستغفار للصبيان مع أنه لا ذنب لهم ، فقال : معناه السؤال من الله أن يغفر له ما كتب في اللوح المحفوظ أن يفعله بعد البلوغ من الذنوب حتى إذا كان فعله كان مغفورا ، وإلا فالصغير غير مكلف فلا حاجة له إلى الاستغفار اهـ . وسيأتي زيادة تحقيق لهذا البحث في أواخر الفصل الثالث من هذا الباب ، والله أعلم بالصواب . ( وذكرنا وأنثانا ) قال الطيبي : المقصود من القرائن الأربع الشمول والاستيعاب ، فلا يحمل على التخصيص نظرا إلى مفردات التركيب ، كأنه قيل : اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات كلهم أجمعين ، فهي من الكناية الزبدية يدل عليه جمعه في قوله . ( اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ) أي : الاستسلام والانقياد للأوامر . ( ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ) أي : التصديق القلبي إذ لا نافع حينئذ غيره . ( اللهم لا تحرمنا ) قال ابن حجر : بضم أوله وفتحه أقول : الفتح هو الصحيح ، وهو الموجود في النسخ المصححة . وفي القاموس : الضم لغة . ( أجره ) قال ابن الملك : أي : أجر الإيمان . أقول الصواب : أجر الميت ، أو أجر المؤمن . ( ولا تفتنا بعده ) أي : لا تجعلنا مفتونين بعد الميت بل اجعلنا معتبرين بموته عن موتنا ، ومستعدين لرحلتنا ، وفي المصابيح : ولا تضلنا قال ابن الملك : وفي بعض النسخ : ولا تفتنا أي : لا تلقي علينا الفتنة بعد الإيمان ، المراد بها ههنا خلاف مقتضى الإيمان . ( رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ) قال ميرك : وقال : حسن صحيح ، ورواه الحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم . ( وابن ماجه ) .




الخدمات العلمية