الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1747 - وعن أبي هريرة قال : مات ميت من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمع النساء يبكين عليه ، فقام عمر ينهاهن ويطردهن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعهن يا عمر ; فإن العين دامعة والقلب مصاب ، والعهد قريب .

التالي السابق


1747 - ( وعن أبي هريرة قال : مات ميت من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هي زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الحديث الآتي . ( فاجتمع النساء يبكين عليه ) أي : على الميت فقام عمر ينهاهن ) أي : الأقارب . ( ويطردهن ) أي : الأجانب بضربهن كما سيأتي . ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعهن ) أي : اتركهن . ( يا عمر ، فإن العين دامعة ) أي : بالطبع ، وقد وافقه الشرع . ( والقلب ) بالنصب والرفع . ( مصاب ) أي : أصابه المصيبة ، فلا بد له أن يتقلب إلى الحزن ، كما أنه ينقلب عند حصول النعمة إلى الفرح ، فهو السبب في بكاء العين وضحكها . ( والعهد ) أي : زمان المصيبة ( قريب ) أي : منهن فالصبر صعب عليهن ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم : الصبر أي : الكامل عند الصدمة الأولى ، والواو لمطلق الجمع ، وعكس فيه الترتيب الطبيعي ; لأن قرب العهد يورث شدة الحزن للقلب ، وهي تورث دمع العين ، إيثارا لذكر ما يظهر ، ويعلم على ما يخفى ، ثم الظاهر أن بكاءهن كان بصوت ، لكن لا يرفعه ، فنهاهن عمر سدا لباب الذريعة ، حتى لا ينجر إلى النياحة المذمومة ، لا سيما في الحضرة النبوية ، فأمره بتركهن ، وأظهر عذرا لهن في أفعالهن ، ويمكن أن يكون منع عمر لضرهن كما في الحديث الآتي ، فمنعه ظاهر لا إشكال فيه ، وقال ابن حجر : هو محمول على أنه لم يصدر منهن إلا مجرد البكاء ، فمنعهن منه عمر كأنه للتمسك فيه بقوله صلى الله عليه وسلم [ ص: 1248 ] فإذا وجبت فلا تبكين باكية ، فأمره صلى الله عليه وسلم بالإمساك عنهن ، وذكر له عذرهن الدال على أن محل الكراهة حيث لا غلبة ، أما مع غلبة الحزن فلا كراهة اهـ . وفيه أن مجرد البكاء غير مكروه إجماعا ، وقد صدر البكاء عنه صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم ، حيث قال : " العين تدمع ، والقلب يحزن " فالنهي في الحديث الذي أورده محمول على البكاء المذموم ، ولا اعتبار لا بالمفهوم من الظرف الذي وقع قيدا اتفاقيا ، أو غالبيا ، والله أعلم . وسيأتي مزيد تقرير ومزية تحرير في الحديث الذي يليه مما يؤيد ما ذكرناه ويقويه . ( رواه أحمد ) كذا في نسخة . ( والنسائي ) .




الخدمات العلمية