الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1803 - وعن موسى بن طلحة قال : عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنما أمره أن يأخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر . مرسل رواه في شرح السنة .

التالي السابق


1803 - ( وعن موسى ) وهو أبو عيسى ( بن طلحة ) أي ابن عبيد الله التيمي القرشي أحد العشرة المبشرة ، تابعي سمع أباه وجماعة من الصحابة ( قال : عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) قال بعضهم : أحذ من كلام الطيبي إن تعلق عن النبي بقوله عن موسى بن طلحة : كان الحديث مرسلا لأنه تابعي ويكون قوله : قال : عندنا كتاب معاذ بن جبل معترضا ، ولا معنى له ، قلت : بل معناه أن كتابه بهذا المضمون أو موافق للرواية لفظا ومعنى ، ويؤيده قوله : قال ، ويقويه قول المؤلف : مرسل ، قال : وإن تعلق بقوله عندنا كتاب معاذ كان حالا من ضمير كتاب في الخبر ، أي صادرا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يكون الحديث مرسلا ، بل يكون هذا وجادة . اهـ ، لكن يتوقف كونه وجادة على ثبوت كون الكتاب بخط معاذ ، واشترطوا فيها الإذن بالرواية ، وحينئذ هو من باب المرسل ، لكن فيه ثبوت الاتصال للارتباط المفيد ثبوت النسبة في الجملة ، وإن لم يكن كافيا لمن شرط الاتصال على وجه الكمال ، كالصحيحين ونحوهما ، فكونه وجادة لا ينافي كونه مرسلا ، فتأمل ، ثم رأيت الطيبي قال : هذا من باب الوجادة لأنه من باب نقل من كتاب الغير من غير إجازة ولا سماع ، ولا قراءة . اهـ ، فعلى هذا ينافي كونه مرسلا لعدم صحة الوجادة ، فإطلاقه الوجادة إنما هو باعتبار اللغة لا الاصطلاح ، فلا منافاة ، والله أعلم .

قال ابن الهمام : وما قيل إن موسى هذا ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وسماه لم يثبت ( أنه ) أي معاذ ( قال : إنما أمره ) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذا ( أن يأخذ الصدقة ) أي الزكاة وهي العشر أو نصفه ( من الحنطة والشعير والزبيب والتمر ) قال ابن الملك : معناه أنه لا تجب الزكاة إلا في هذه الأربعة فقط ، بل تجب عند الشافعي فيما تنبته الأرض إذا كان قوتا ، وعندنا فيما تنبته الأرض قوتا كان أو لا ، وإنما أمره بالأخذ من هذه الأربعة لأنه لم يكن ثمة غيرها . اهـ ، وسبقه المظهر بذلك ، وقال الطيبي : هذا إن صح بالنقل فلا كلام ، وإن فرض أن ثمة شيئا غير هذه الأربعة مما تجب الزكاة فيه فمعناه إنما أمره أن يأخذ الصدقات من المعشرات من هذه الأجناس ، وغلب الحنطة والشعير على غيرها من الحبوب لكثرتهما في الوجود ، وأصالتها في القوت ، واختلف فيما تنبت الأرض مما يزرعه الناس وتغرسه ، فعند أبي حنيفة تجب الزكاة في الكل سواء كان قوتا أو غير قوت ، فذكر التمر والزبيب عنده للتغليب أيضا ( مرسل ) قال ميرك : فيه شائبة الاتصال بواسطة الوجادة إن صح أن الكتاب بخط معاذ ( رواه في شرح السنة ) وفي معناه الخبر الصحيح : لا تؤخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة : الشعير والحنطة والتمر والزبيب ، والحصر فيه إضافي لخبر الحاكم ، وصححه : فيما سقت السماء والسيل والبعل العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر ، وهذا ظاهر في عموم المقتات وغيرها ، وأما قول ابن حجر : فأما القثاء والبطيخ والرمان والقضب أي بالمعجمة الساكنة وهي الرطبة فعفوا عنا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي لم يوجب فيه شيئا ، فمحتاج إلى دليل وبرهان وتوضيح وبيان .

[ ص: 1292 ]



الخدمات العلمية