كَيْفَ يَنْسَى الْمُحِبُّ ذِكْرَ حَبِيبٍ اسْمُهُ فِي فُؤَادِهِ مَكْتُوبُ
كَانَ بِلَالٌ كُلَّمَا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي الرَّمْضَاءِ عَلَى التَّوْحِيدِ يَقُولُ : أَحَدٌ أَحَدٌ ، فَإِذَا قَالُوا لَهُ : قُلْ : وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، قَالَ : لَا أُحْسِنُهُ .يُرَادُ مِنَ الْقَلْبِ نِسْيَانُكُمْ وَتَأْبَى الطِّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ
لَا لِأَنِّي أَنْسَاكَ أَكْثَرُ ذِكْرَا كَ وَلَكِنْ بِذَاكَ يَجْرِي لِسَانِي
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنَى فَهَيَّجَ أَشْوَاقَ الْفُؤَادَ وَمَا يَدْرِي
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي
إِذَا ذُكِرَ الْمَحْبُوبُ عِنْدَ حَبِيبِهِ تَرَنَّحَ نَشْوَانٌ وَحَنَّ طَرُوبُ
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هَزَّةٌ كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ
إِذَا سَمِعْتُ بِاسْمِ الْحَبِيبِ تَقَعْقَعَتْ مَفَاصِلُهَا مِنْ هَوْلِ مَا تَتَذَكَّرُ
وَمَا ذَكَرْتُكُمُ إِلَّا نَسِيتُكُمُ نِسْيَانَ إِجْلَالٍ لَا نِسْيَانَ إِهْمَالِ
إِذَا تَذَكَّرْتُ مَنْ أَنْتُمْ وَكَيْفَ أَنَا أَجْلَلْتُ مِثْلَكُمْ يَخْطُرُ عَلَى بَالِي
أَبَدًا نُفُوسُ الطَّالِبِيـ ــنَ إِلَى طُلُولِكُمُ تَحِنُّ
وَكَذَا الْقُلُوبُ بِذِكْرِكُمْ بَعْدَ الْمَخَافَةِ تَطْمَئِنُّ
جُنَّتْ بِحُبِّكُمْ وَمَنْ يَهْوَى الْحَبِيبَ وَلَا يُجَنُّ
بِحَيَاتِكُمْ يَا سَادَتِي جُودُوا بِوَصْلِكُمْ وَمُنُّوا
لَقَدْ أَكْثَرْتُ مِنْ ذِكْرَا كَ حَتَّى قِيلَ وَسْوَاسُ
وَحُرْمَةُ الْوُدِّ مَا لِي عَنْكُمْ عِوَضٌ وَلَيْسَ لِي فِي سِوَاكُمْ سَادَتِي غَرَضُ
وَقَدْ شَرَطْتُ عَلَى قَوْمٍ صَحِبْتُهُمُ بِأَنَّ قَلْبِي لَكُمْ مِنْ دُونِهِمْ فَرَضُوا
وَمِنْ حَدِيثِي بِكُمْ قَالُوا : بِهِ مَرَضٌ فَقُلْتُ : لَا زَالَ عَنِّي ذَلِكَ الْمَرَضُ
كَتَمْتُ اسْمَ الْحَبِيبِ مِنَ الْعِبَادِ وَرَدَّدْتُ الصَّبَابَةَ فِي فُؤَادِي
فَوَاشَوْقًا إِلَى بَلَدٍ خَلِيٍّ لَعَلِّي بَاسِمِ مَنْ أَهْوَى أُنَادِي
جِسْمِي مَعِي غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ عِنْدَكُمْ فَالْجِسْمُ فِي غُرْبَةٍ وَالرُّوحُ فِي وَطَنِ
وَلَقَدْ جَعَلْتُكَ فِي الْفُؤَادِ مُحَدِّثِي وَأَبَحْتُ جِسْمِي مَنْ أَرَادَ جُلُوسِي
فَالْجِسْمُ مِنِّي لِلْجَلِيسِ مُؤَانِسٌ وَحَبِيبُ قَلْبِي فِي الْفُؤَادِ أَنِيسِي
كيف ينسى المحب ذكر حبيب اسمه في فؤاده مكتوب
كان بلال كلما عذبه المشركون في الرمضاء على التوحيد يقول : أحد أحد ، فإذا قالوا له : قل : واللات والعزى ، قال : لا أحسنه .يراد من القلب نسيانكم وتأبى الطباع على الناقل
لا لأني أنساك أكثر ذكرا ك ولكن بذاك يجري لساني
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى فهيج أشواق الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما أطار بليلى طائرا كان في صدري
إذا ذكر المحبوب عند حبيبه ترنح نشوان وحن طروب
وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر
إذا سمعت باسم الحبيب تقعقعت مفاصلها من هول ما تتذكر
وما ذكرتكم إلا نسيتكم نسيان إجلال لا نسيان إهمال
إذا تذكرت من أنتم وكيف أنا أجللت مثلكم يخطر على بالي
أبدا نفوس الطالبيـ ــن إلى طلولكم تحن
وكذا القلوب بذكركم بعد المخافة تطمئن
جنت بحبكم ومن يهوى الحبيب ولا يجن
بحياتكم يا سادتي جودوا بوصلكم ومنوا
لقد أكثرت من ذكرا ك حتى قيل وسواس
وحرمة الود ما لي عنكم عوض وليس لي في سواكم سادتي غرض
وقد شرطت على قوم صحبتهم بأن قلبي لكم من دونهم فرضوا
ومن حديثي بكم قالوا : به مرض فقلت : لا زال عني ذلك المرض
كتمت اسم الحبيب من العباد ورددت الصبابة في فؤادي
فواشوقا إلى بلد خلي لعلي باسم من أهوى أنادي
جسمي معي غير أن الروح عندكم فالجسم في غربة والروح في وطن
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجسم مني للجليس مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي