مسألة :
قال الفارق بين الماء الكثير والقليل الشافعي : " احتج بأنه قيل يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة وهي تطرح فيها المحايض ولحوم الكلاب وما ينجي الناس فقال : " الماء لا ينجسه شيء " قال ومعنى لا ينجسه شيء إذا كان كثيرا لم يغيره النجس . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير ريحه أو طعمه " وقال فيما روي عن ابن عباس أنه نزح زمزم من زنجي مات فيها إما لا نعرفه وزمزم عندنا وروي عن ابن عباس أنه قال : " أربع لا يخبثن " [ ص: 336 ] فذكر الماء وهو لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم وقد يكون الدم ظهر فيها فنزحها إن كان فعل أو تنظيفا لا واجبا . وإذا الحجاز ، فوقع فيه دم أو أي نجاسة كانت ، فلم يغير طعمه ولا لونه و لا ريحه ، ولم ينجس ، وهو بحاله طاهر ، لأن فيه خمس قرب فصاعدا وهذا فرق ما بين الكثير الذي لا ينجسه إلا ما غيره ، ومن القليل الذي ينجسه ما لم يغيره " . كان الماء خمس قرب كبار من قرب
قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا ثبت أن القلتين فرق بين قليل الماء وكثيره ، وأن القلتين خمس قرب بما وصفنا ، وأن الخمس قرب خمسمائة رطل ما بينا صار كثير الماء خمسمائة رطل ، وقليله ما دونها ثم إن الشافعي ذكر في هذه المسألة حكم كثير الماء وما يفرع عليه من أحكام النجاسة ، وذكر بعده حكم قليل الماء وما يتفرع عليه من أحكام النجاسة ، فإذا فلا يخلو أن يتغير بها الماء أولا يتغير فإن لم يتغير بها الماء فهو طاهر مطهر ، ثم لا تخلو النجاسة من أن تكون مائعة [ أو متجسدة فإن كانت مائعة ] كبول أو خمر أهريق فيه فاستعمال جميع الماء شيئا بعد شيء حتى يستنفد جميعه جائز ولا يلزم استبقاء شيء منه ، وقال بعض أصحابنا : لا يجوز أن يستعمل جميعه حتى يستبقي منه قدر النجاسة الواقعة فيه لعلمنا أنه باستعمال جميعه مستعمل النجاسة ، وهذا خطأ : لأن النجاسة لما لم يظهر لها أثر صارت مستهلكة ، فعفي عنها ، ولأنه إذا استبقى من جملة الماء قدر النجاسة فنحن نحيط علما بأن ما استبقاه ليس بنجاسة محضة تميزت عن المستعمل ، وانحازت إلى المستبقى ، وإنما الباقي ماء فيه جزء من النجاسة ، فكذلك المستعمل فلم يكن لهذا القول وجه . كان الماء كثيرا ووقعت فيه نجاسة مائعة أو متجسدة