فصل : فإذا تمهد ما وصفنا من مقدمات الحيض فالنساء على أربعة أضرب : طاهر ، حائض ، ومستحاضة ، وذات فساد .
فأما الطاهر فهي التي ترى النقاء ومعناه أن تستدخل القطن فيخرج نقيا .
وأما الحائض : فهي التي ترى الدم في زمان يكون حيضا .
وأما المستحاضة : فهي التي ترى الدم في أثر الحيض على صفة لا تكون حيضا .
وأما ذات الفساد : فهي التي تبتدئ بدم لا يكون حيضا : وإذا كان النساء بهذه الأحوال فالطاهر منهن يتعلق عليها حكم الطهر ، والحائض يتعلق عليها حكم الحيض .
وأما : المستحاضة فينقسم حالها أربعة أقسام
أحدها : أن تكون مميزة .
والثاني : أن تكون معتادة .
والثالث : أن تكون صاحبة تمييز وعادة .
والرابع : أن لا يكون لها تمييز ولا عادة .
فصل : فأما المميزة فهي مسألة الكتاب وصورتها في امرأة تصل بها الدم حتى تجاوز خمسة عشر يوما وبعضه أسود ثخين ، وبعضه أحمر رقيق ، فهذه هي المميزة . فتميز من دمها كان أسود ثخينا فيكون حيضها وما كان منه أحمر رقيقا فهو استحاضة .
وقال أبو حنيفة : لا اعتبار بالتمييز وترد إلى عادتها استدلالا بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أم سلمة قال : ولأن الدم قد يوجد فيكون حيضا وقد يوجد فلا يكون حيضا مع كونه متميزا أو أيام العادة إذا قاربها الدم لا يكون إلا حيضا ، ودليلنا حديث لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك الشهر فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : " فردها إلى تمييزها واعتبار لونه وروى " إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للحائض دفعات ولدم الحيض ريح ليس لغيره فإذا ذهب قدر الحيض فلتغتسل ولأن الحيض متعلق بدم وأيام فوجب أن يقدم الدم على الأيام كالعدة تقدم الأقراء على الشهور . ولأن ما خرج من مخرج واحد إذا التبس وأمكن تمييزه بصفاته كان التمييز بصفاته أولى كالمني والمذي . وأما الجواب عن حديث فهو أنه وارد في المعتادة دون المميزة . وحديث أم سلمة فاطمة بنت أبي حبيش وارد في المميزة دون المعتادة فتستعمل الخبرين فيما وردا فيه ولا يسقط أحدهما بالآخر .
وأما الجواب عن أيام العادة أنها لا تكون إلا حيضا فكان أولى من اعتبار الدم فهو أنه استدلال فاسد : لأن أيام العادة قد توجد خالية من الدم فلا يكون حيضا فكيف يجوز أن [ ص: 391 ] يجعل حكم الأيام أقوى من حكم الدم والدم قد يكون حيضا في غير أيام العادة .