فصل : وأما القسم الثاني : وهو فهي مسألة الكتاب ، وله ثلاثة أحوال : خيار الشرط
أحدها : أن يكون خيار الثلاث مشروطا للبائع ، والمشتري .
والحال الثاني : أن يكون مشروطا للبائع دون المشتري .
والحال الثالث : أن يكون مشروطا للمشتري دون البائع ، فإن كان الخيار مشروطا للبائع والمشتري ، أو مشروطا للبائع دون المشتري فلا حق للشفيع في الأخذ بالشفعة ما لم تنقض مدة الخيار لما ذكرنا في خيار المجلس فإذا تم البيع بينهما بتقضي مدة الخيار واستحق الشفيع حينئذ الأخذ بالشفعة بماذا يصير مالكا لها ؟ على ما مضى من الأقاويل الثلاثة .
وإن كان الخيار مشروطا للمشتري دون البائع فقد روى المزني هاهنا أن للشفيع أخذه بالشفعة .
ورواه الربيع أيضا قال الربيع : وفيه قول آخر أنه لا حق للشفيع في أخذه إلا بعد أن تنقضي مدة الخيار .
وجملته أنه يترتب على اختلاف أقاويله في انتقال الملك فإن قيل : إنه لا ينتقل إلا بالعقد وانقضاء مدة الخيار ، أو أنه موقوف مراعى فلا شفعة فيه إلا بانقضاء مدة الخيار ؛ لأن الشفيع يملك عن المشتري فامتنع أن يملك ما لم يملك المشتري ، وإن قيل إن الملك قد انتقل بنفس العقد ففيه قولان :
أحدهما : وهو رواية المزني أن فيه الشفعة ؛ لأن علقة البائع عنه منقطعة وخيار المشتري فيه كخياره في الرد بالعيب وهو لا يمنع الشفيع من الأخذ .
والقول الثاني : وهو رواية الربيع : أنه لا شفعة فيه إلا بانقضاء مدة الخيار ولأن المشتري لم يرض بدخوله في عهدة العقد فخالف خيار العيب الموضوع لاستدراك الغبن الذي قد يحصل له من جهة الشفيع ، ثم يتفرع على هذا ثلاثة فروع : [ ص: 279 ] فالفرع الأول : أن يتفق البائع والمشتري على اشتراط الخيار لهما في العقد ويكذبهما الشفيع ويدعي أن العقد وقع ناجزا من غير خيار شرط فيكون القول قول البائع والمشتري ، واليمين واجبة على المشتري منهما دون البائع ؛ لأن انتزاع الملك من يده فيحلف له ؛ لأن الأصل بقاؤه على ملكه ويده ، ولا شفعة للشفيع بعد يمين المشتري إلا بانقضاء مدة الخيار ، وهكذا لو كان البائع غائبا فادعى المشتري اشتراط خيار الثلاث لهما ، أو لبائع وحده وأكذبه الشفيع كان القول قول المشتري مع يمينه ، ولا شفعة إلا بانقضاء مدة الخيار .
والفرع الثاني : أن يدعي البائع اشتراط خيار الثلاث وينكره المشتري والشفيع ، فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف ؛ القول قول البائع ، ولا شفعة وعلى قول محمد بن الحسن القول قول المشتري وفيه الشفعة وعلى مذهب الشافعي - رضي الله عنه - أنهما يتحالفان كما يتحالفان في اختلاف الثمن فإذا تحالفا ففي بطلان البيع بتحالفهما وجهان :
أحدهما : قد بطل بتحالفهما ، ولا شفعة فيه .
والوجه الثاني : أنه لا يبطل إلا بفسخ الحاكم فعلى هذا يكون المشتري بالخيار بين إمضاء البيع بخيار الثلاث للبائع . وبين فسخه وخياره ، وهذا على الفور ؛ لأنه خيار حكم فإن اختار المشتري فسخه بطل البيع ، ولا شفعة فيه وليس للشفيع أن يجبر المشتري على إمضاء البيع بخيار الثلاث ؛ لأنه إجبار على التزام عقد ، وإن اختار المشتري إمضاء البيع بخيار الثلاث لبائع ثبت للبائع خيار الثلاث فإن اختار فيها فسخ البيع انفسخ ، ولا شفعة فيه وإن اختار فيها إمضاء البيع فللمشتري أخذ الشقص بثمنه ثم للشفيع أخذه من يده بمثل ثمنه .
والفرع الثالث : أن ، فإن قيل إن للشفيع أن يأخذه بالشفعة في خيار المشتري فلا تحالف بين البائع والمشتري ، وللشفيع أخذه بالشفعة . وإن قيل : إنه لا حق للشفيع فيه إلا بانقضاء خيار المشتري تحالف البائع والمشتري على الخيار ، فإذا تحالفا فقد بطل البيع في أحد الوجهين ، ولا شفعة فيه . يدعي المشتري اشتراط خيار الثلاث وينكره البائع والشفيع
والوجه الثاني : لا يبطل إلا بفسخ الحاكم ، فعلى هذا يكون للبائع الخيار على الفور في إمضاء البيع بخيار الثلاث للمشتري ، أو فسخه فإن فسخه فقد بطل البيع ، ولا شفعة فيه وإن أمضاه ثبت خيار الثلاث للمشتري فإن فسخ البيع فيها فلا شفعة فيه وإن أمضاه أخذه الشفيع منه .