فصل : فإذا ثبت أن سنة فهي سنة في الوضوء والغسل والتيمم مبتدئا بها على طهارته فإن نسيها في الابتداء ؟ . قال التسمية الشافعي رضي الله عنه في القديم يسمي إذا ذكرها في ابتداء الطهارة أو آخرها .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ثم يفرغ الماء من إنائه على يديه فيغسلهما ثلاثا " .
قال الماوردي : وهذا كما قال غسل الكفين ثلاثا قبل إدخالهما الإناء سنة على كل متوضئ أو مغتسل وليس بواجب وهو قول الجمهور ، وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : واجب على من قام من النوم فإن غمسهما في الإناء قبل غسلهما نجس الماء سواء تيقن نجاسة كفيه أم لا ، وقال غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء داود : غسلهما واجب لكن لا ينجس الماء بترك الغسل إلا أن يعلم نجاسة كفيه .
[ ص: 102 ] وقال أحمد بن حنبل : غسلهما واجب على من قام من نوم الليل دون النهار ولا ينجس الماء بترك الغسل ما لم يتيقن النجاسة .
واستدلوا جميعا بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ، فحمله إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده الحسن وداود على كل قائم من النوم لعموم اللفظ ، وحمله أحمد على نوم الليل لقوله : فإنه لا يدري أين باتت يده والبيات يكون في الليل دون النهار .
ودليلنا قوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم [ المائدة : 6 ] وقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي : " توضأ كما أمرك الله اغسل وجهك وذراعيك " ، فلم يقدم في الآية ، والخبر على الوجه فرضا ؛ ولأن ما لم يلزم غسله في وضوئه من غير النوم لا يلزم غسله في وضوئه من النوم أصله سائر الجسد .
ولأنها طهارة عن حدث فوجب ألا تلزم تكرار بعض الأعضاء فيها كالتيمم ، فأما الجواب عن الخبر فهو أن ما ذكر فيه من التعليل دليلنا على حمله على الاستحباب دون الإيجاب ؛ لأنه أمر بغسل اليد خوف النجاسة وهو قوله : فإنه لا يدري أين باتت يده لأن القوم كانوا يستعملون الأحجار وينامون فيعرقون ، وربما حصلت أيديهم موضع النجاسة فنجست وهذا متوهم ، وتنجيسها شك وما وقع الشك في تنجيسه لم يجب غسله وإنما يستحب .
وقد روي أن قيسا الأشجعي قال لأبي هريرة : فكيف بنا إذا أتينا مهراسكم هذا ، فقال : أعوذ بالله من شرك يا قيس .
ولو كان غسل اليدين واجبا على من أراد إدخالهما في الإناء لوجب على من لم يدخلهما في الإناء .