الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو لم يفترقا حتى وضعت حملا لم تحل له حتى تطهر من نفاسها ، ثم تحيض حيضة مستقبلة من قبل أن البيع إنما تم حين تفرقا عن مكانهما الذي تبايعا فيه " . قال الماوردي : اعتبر الشافعي هاهنا وجود الاستبراء بعد تمام البيع ولزومه ، ولم يعتبر فيه وجوده بعد القبض ، وفيه شاهد من مذهبه على ما أخبرته من أن القبض غير معتبر في الاستبراء وإن خالف فيه أصحابنا فجعلوه شرطا فيه ، فإذا وضعت الأمة المشتراة حملها بعد البيع فعلى ضربين : أحدهما : أن تضعه بعد لزوم البيع بالتفرق ومضي زمان الخيار فيكون استبراء يحل به المشتري . والضرب الثاني : أن تضعه بعد العقد وقبل التفرق فيكون الاستبراء به مبنيا على [ ص: 352 ] اختلاف أقاويله في انتقال الملك ، هل يكون بالعقد وحده أو به : وينقضي زمان الخيار . فإن قيل : إن الملك لا ينتقل إلا بهما ، وهو المنصوص عليه في هذا الموضع لم يكن وضع الحمل استبراء لوجوده قبل الملك ، فصار كوجوده قبل البيع ، وكذلك لو مر عليها قرء بحيض أو بطهر لم يكن استبراء ، ولا يدخل بالنفاس في استبراء سواء قيل : إنه بالحيض أو بالطهر ، فإذا انقضى نفاسها ، فإن قيل : إن الاستبراء بالطهر دخلت فيه عند تقضي النفاس ، وإن قيل : إنه بالحيض لم تدخل فيه إلا بعد تقضي طهرها وطهور حيضها فهذا حكم وضعها إذا قيل : إن الملك لا ينتقل إلا بالعقد وتقضي زمان الخيار . فأما إذا قيل : وما عداه من أن الملك منتقل إلى المشتري بنفس العقد ، أو موقوف بعلم تقضي الخيار ووجود الملك بنفس العقد كان وضع الحمل استبراء لوجوده بعد الملك ، فصار كوجوده بعد تقضي الخيار فإن كان بدل الولادة قروءا من حيض أو طهر مر عليها بعد البيع ، وقبل التفريق فقد خرجه أبو إسحاق المروزي على وجهين : أحدهما : يكون استبراء كالحمل ، وهو الصحيح . والوجه الثاني : أنه لا يعتد به من الاستبراء بخلاف الحمل ، ولا أعرف للفرق بينهما وجها إلا أن يفرق بأن الاستبراء بالحمل أقوى وليس بفرق ؛ لأنهما يستويان في حصول الاستبراء بهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية