الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولتعددهن : الثلثان [ ص: 603 ] وللثانية مع الأولى السدس ، وإن كثرن ، [ ص: 604 ] وحجبها ابن فوقها ، وبنتان فوقها ; إلا الابن [ ص: 605 ] في درجتها مطلقا ; أو أسفل : فمعصب ; وأخت لأب فأكثر مع الشقيقة : فأكثر كذلك ، [ ص: 606 ] إلا أنه إنما يعصب الأخ

التالي السابق


وذكر أصحاب الثلثين بقوله ( ولتعدد ) أي المتعدد من ( هن ) أي صاحبات النصف من البنت وبنت الابن إن لم تكن بنت ، والشقيقة والأخت لأب إن لم تكن شقيقة فللبنتين فأكثر أو بنتي الابن كذلك أو الشقيقتين أو الأختين لأب كذلك ( الثلثان ) فأصحابهما أربعة . وأما ميراثهن أكثر منهما كابن وعشرين بنتا فبالتعصيب لا بالفرض ، قال الله تعالى { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } ، في الذخيرة اعتبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ظاهر اللفظ فحمل الثلثين لثلاث بنات فأكثر وللبنتين النصف .

واختلف الجمهور في كلمة فوق فقيل زائدة كقوله تعالى { فاضربوا فوق الأعناق } ، وتطلق العرب الجمع على الاثنين كقوله تعالى { صغت قلوبكما } وخطأه المحققون بأن زيادة الظرف بعيدة . وقيل فيها تقديم وتأخير ، والأصل اثنتين ، [ ص: 603 ] ففوق وهو خلاف الظاهر أيضا . والصواب أن الله تعالى نص على الزائد على اثنتين في البنات ولم يذكر الاثنتين فيهن ، ونص على الاثنتين في الأخوات ولم يذكر الزائد فيهن اكتفاء بما في آية البنات في الأخوات وبما في آية الأخوات في البنات ; لأن القرآن كله كالكلمة الواحدة يفسر بعضه بعضا ، فاستقامت الظواهر وقامت الحجة ; لأن الله تعالى إذا جعل الثلثين لأختين فالبنتان أولى بهما لأقربيتهما ا ; ولأن البنت تأخذ مع الابن الثلث فأولى أن تأخذه مع بنت تماثلها ; ولأن الذكر إذا كان مع أنثى كان له الثلثان ، فجعل الاثنتان بمنزلة ذكر في بعض أحواله ، فهو من باب ملاحظة الحكمة في جعل الأنثى على نصف الذكر ، وسقط اعتبار زيادة البنات على اثنين كما سقط اعتبار زيادة الذكر على واحد ، فسوى بين البابين في إلغاء الزيادة ، والتسوية بين البنتين والأخت الواحدة خلاف القياس والحديث الآتي وضح أن { أخا سعد منع ابنتيه الميراث فشكت أمهما للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لها يقضي الله في ذلك ، فنزلت آية الميراث فأرسل إليه ، وقال أعط ابنتي سعد الثلثين } ، وهذا بيان لما في الكتاب لا نسخ له .

والنص على الاثنتين في الأخوات بقوله تعالى { فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } ; لأن الاثنتين كذكر والذكر له الثلثان مع الأخت ، فجعل لهما ذلك ولو بقيت البنت أو الأخت على النصف حال الاجتماع ولم تضارر بأختها مضارتها مع الابن ، مع أن الابن لا يبقى على حاله عند الانفراد إذا كان معه أخته ، ويضارر بها للزم ترجيح الأنثيين على الذكر ، وسوى بين الاثنتين والزائد عليهما كما سوى بين الذكر والزائد عليه في حوز جميع المال واستفيد حكم الزائد من آية البنات كما استفيد حكم البنتين من هذه الآية أفاده في الذخيرة . ( و ل ) جنس ( الثانية ) أي بنت الابن واحدة كانت أو أكثر والأخت لأب كذلك حال كونها ( مع الأولى ) بضم الهمز ، أي البنت الواحدة أو الشقيقة كذلك ( السدس ) تكملة الثلثين مع نصف الأولى . ففي صحيح البخاري { سئل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه [ ص: 604 ] عن بنت وبنت ابن وأخت فقال للبنت النصف وللأخت النصف ولا شيء لبنت الابن وائت ابن مسعود فإنه سيتابعني ، فسأل ابن مسعود وأخبره بقول أبي موسى فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين لأقضين بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت فأتى أبا موسى وأخبره ، فقال لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم } ، انظر مواهب القدير .

( وحجبها ) أي منع بنت الابن من الإرث ( ابن ) للميت أو لابنه ( فوقها ) أي أعلى من بنت الابن بدرجة أو أكثر كابن وبنت ابن وكابن ابن وبنت ابن ابن ( و ) حجبها أيضا ( بنتان ) للميت أو لابنه ( فوقها ) أي بنت الابن في القرب للميت كبنتين وبنت ابن كبنتي ابن وبنت ابن ابن فيحجبانها عن الإرث في كل حال ( إلا ل ) وجود ( ابن ) [ ص: 605 ] لابن الميت معها ( في درجتها ) أي بنت الابن فيعصبها ( مطلقا ) عن تقييده بكونه أخاها فلا فرق بين كونه أخاها أو ابن عمها فتدخل معه في الثلث الباقي " للذكر مثل حظ الأنثيين " ، وعن تقييدها بكونها لا سدس لها ففي بنت وبنت ابن وابن ابن للبنت النصف والنصف الباقي لبنت الابن وابن الابن " للذكر مثل حظ الأنثيين " سواء كان أخاها أو ابن عمها .

( أو ) لوجود ابن معها ( أسفل ) منها بدرجة أو أكثر ( ف ) هو ( معصب ) بكسر الصاد المهملة مثقلة لها إن كانت محجوبة عن السدس كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن فترث معه الثلث الباقي كذلك ، وكبنتي ابن وبنت ابن ابن وابن ابن ابن ابن وكبنت وبنت ابن وبنت ابن ابن وابن ابن ابن ابن ، فإن ورثت السدس فلا يعصبها السافل عنها لاستغنائها عنه . شب لابن الابن مع بنت الابن ثلاث حالات إحداهما كونه أعلى منها فيحجبها مطلقا ، والثانية كونه مساويا لها فيعصبها مطلقا ، سواء فضل لها شيء من الثلثين أم لا ، وسواء كان أخاها أو ابن عمها ، والثالثة كونه نازلا عنها فيعصبها حيث لا شيء لها في الثلثين .

وفي الرسالة إن كانت البنات اثنتين فلا شيء لبنات الابن إلا أن يكون معهن أخ ، فيكون ما بقي بينه وبينهن للذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك إن كان الذكر تحتهن وكذلك لو ورثت بنات الابن مع البنت السدس وتحتهن بنات ابن معهن أو تحتهن ذكر كان ذلك بينه وبين أخواته ومن فوقه من عماته ولا يدخل في ذلك من دخل في الثلثين من بنات الابن . ا هـ . ونحوه لابن التلمساني .

( وأخت ) للميت ( لأب ) أي منه فقط واحدة ( فأكثر ) من واحدة حال كونها أو كونهما أو كونهن ( مع ) الأخت ( الشقيقة ) للميت الواحدة ( فأكثر ) منها حكمها ( كذلك ) أي حكم بنت الابن مع البنت الواحدة فأكثر في أخذ الواحدة مع الواحدة [ ص: 606 ] السدس تكملة الثلثين ، وحجبها بالابن الذي فوقها وبالاثنتين إلا لذكر معها فيعصبها فللأخت لأب مع الشقيقة السدس ويحجبها الشقيق كالشقيقتين إلا الأخ لأب فترث معه الثلث الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولما أوهم التشبيه أن ابن الأخ لأب يعصب الأخت لأب كتعصيب ابن الابن السافل بنت الابن العالية عنه بشرطه ولم يكن الحكم كذلك : استثنى منه فقال ( إلا أنه ) أي الشأن ( إنما يعصب ) الأخت لأب ( الأخ ) لأب لا ابنه ; لأنه لا يعصب بنت الأخ التي في درجته ; لأنها من ذوات الأرحام ، وإذا لم يعصب من في درجته فلا يعصب من فوقه بالأولى ، فيأخذه ما بقي وحده دون عمته ، والفرق بينه وبين ابن الابن قوة البنوة




الخدمات العلمية