الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في النكاح بدون ولي وما ينبني عليه من أحكام

السؤال

جزاكم الله خيراً على ما تنشرونه من الخير للناس.. أما بعد: فإني أريد أن أتزوج فتاة بدون ولي استناداً لمشروعية النكاح في مذهب الحنفيين, إلى أن يتسنَّى لي التقدم لخطبتها وتجديد العقد بموافقة الولي, وأعلم بأنكم ستنصحوني بعدم الزواج وتقولون بأن رأي الجمهور مقدم على مذهب أبي حنيفة المرجوح, إلا أني لديّ بعض الأسئلة التي أرجو منكم إجابتي عليها وفق قول الحنفيين حتى أكون مقلداً لهم في صحة عقود النكاح عندهم وعلى ما رأوه صحيحاً.
سؤالي الأول: أني سأعقد عليها بدون ولي وسأعطيها مهراً ولكن سنتفق بدايةً على عدم الوطء فهل هذا الشرط المتفق عليه يلغي عقد النكاح غير الصحيح وإن كان لا يلغيه, فهل يمكن أن أطأها مستقبلاً إن اتفقنا على الوطء دون أن يترتب على الرجوع عن هذا الشرط أي شيء (أي أن الأمر بإرادتنا أجامعها أم لا طالما أن لها مهراً)
الثاني: بعض أهل العلم يقولون بأن شرط الشاهدين لا يجب عند العقد وإنما عند الدخول, وطالما أني لن أدخل بها فلن نشهد شاهدين على العقد, ولكن إذا اتفقنا مستقبلاً على الوطء فسوف نشهد شاهدين على العقد, فهل هذا الكلام صحيح.الثالث: الحنفيون اشترطوا في أقل حد للمهر 10 دراهم فكم تساوي تقريبا بالدولار وهل يمكن أن يكون مهرها (خاتما) أعطيها إياه استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم (فالتمس خاتما).
الرابع: يذكر في الأجوبة أن هذا النكاح لا يجوز ويجب فسخه وسؤالي كيف يفسخانه وهم بإرادتهم أقدموا عليه, فمن هو الذي يجب عليه الفسخ؟الخامس: إذا أردنا تجديد العقد بكامل شروطه فهل يجب عليّ أن أستبرأها بحيضة أم لا طالما أنني نفس الشخص الذي سأعقد عليها ثانية؟السادس: هل يكون الفعل الذي فعلناه هو فعل الزناة ويدرأ الحد عنا فقط لشبهة الخلاف بين الفقهاء, أم أنه ليس مثل الزنا طالما أنه يوجد عقد ومهر... فأرجو أن تجيبوني على أسئلتي وفق ما اقتضاه مذهب أبي حنيفة من الصحة والجواز؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يجعل موقعنا محل ثقتك، وجزاك الله خيراً في حرصك على معرفة أحكام الشرع قبل الإقدام على الفعل، وما دمت قد استفتيتنا فلن نفتيك إلا بما نعتقد أنه الصواب، ولن نجاري فيما تريد.

والراجح عندنا هو مذهب الجمهور لأن الأدلة تؤيده، وبالتالي نقول لك: لا يجوز لك الإقدام على الزواج من هذه الفتاة من غير إذن وليها، وكونك لا تريد وطأها أو أنك ستجدد العقد بإذن وليها فيما بعد أو كونك ستدفع لها مهراً فهذا كله لا يسوغ لك الزواج منها الآن بغير إذن وليها أصلاً، والنكاح سيكون باطلاً لو وقع على هذا الحال، وعليه فإما أن تنكحها على وجه شرعي، وإما أن تعرض عنها وتبحث عن غيرها.

والتلفيق بين المذاهب من قبل العامي لا يجوز، لأن هذا مشعر بالهوى والتشهي، ولا مانع من ذلك إن كان بقصد اتباع الدليل ونحو ذلك مما هو سائغ شرعاً، وراجع تفصيل القول في التلفيق بين المذاهب في الفتوى رقم: 37716.

والحنفية مع الجمهور في القول باشتراط الشهود عند العقد، وأنت إما أن تكون طالب علم تستطيع النظر في الأدلة فتعمل حينئذ بما ترجح عندك، وإما أن تكون عامياً فتعمل بفتوى من استفتيت، وبخصوص ما يترتب على النكاح الباطل من أحكام راجع فيه الفتوى رقم: 181051.

والفرقة من النكاح الباطل تحصل بتطليق الزوج إن رضي ذلك أو بفسخ الحاكم إن لم يرض الزوج، وقد يقدم الزوجان على الزواج بغير ولي جهلاً منهما بحكمه أو تساهلاً في هذا الشأن فبعد علمهما ببطلانه أو توبتهما إلى الله عز وجل يطالبان بتصحيح وضع نكاحهما فتفارق الزوجة لذلك أو تطلب الزوجة ووليها ذلك، وعليه فلا غرابة في فسخ هذا النكاح بعد الإقدام عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3395. ويشترط بعض أهل العلم استبراء المرأة بحيضة إذا أراد الزوج تجديد العقد في النكاح الباطل.

ولا يمكننا تحديد ما تساويه العشرة دراهم بالعملة المعاصرة لاختلاف سعر الذهب والفضة، وقد ذكر بعض أهل العلم أن وزن الدرهم من الفضة 2.975 جراماً، فتكون العشرة دراهم من الفضة تساوي ما ذكر من الجرامات مضروباً في عشرة فيكون الناتج 29.75 جراماً من الفضة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني