الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بر الأم والصبر على أذاها واجب

السؤال

هل يحاسب الآباء على ما يسببونه للأبناء من عقد نفسية، أقول هذا لأن لي صديقة تعاني حالة من الضياع النفسي بسبب والديها فرغم مستواها التعليمي العالي وإيمانها القوي فهي غير قادرة على الخروج من هذه الحالة التي تمنعها من المضي قدما في حياتها، سأحكي لكم قصتها:هي ذات 31 عاما أسرة تتكون من 4 بنات وولد، أتموا دراستهم كلهم بنجاح،الأب والأم منفصلان رغم سكنهم في بيت واحد ضيق،الأب في غرفة،الابن في غرفة والأم والبنات في غرفة،الجميع لا يتحدث مع الأب ما عدا صديقتي وأختها الكبرى أحيانا، الأب يدفع مصاريف الكهرباء والماء فقط عقابا لأبنائه الذين وقفوا مع أمهم ضده، الأم تدلل الابن لحد العبادة ليكون سندها ضد زوجها(وصل به الأمر إلى أن ضرب أباه)، فهو لا يفعل شيئا سوى النوم طول النهار ومشاهدة التلفزيون (المتواجد بغرفة البنات) طول الليل وعندما ينهض فهو يحظى بأفضل الأكل كما ونوعا وصديقتي رغم أنها تساهم بالقسط الأكبر في المصاريف (لأن راتبها هو الأكبر) إلا أنها لا تحظى إلا على الفتات وإذا تكلمت تقول لها اذهبي واشتري فإن لك نقودا وهذا كله لأنها لا تدلل ابنها العزيز كما ينبغي ولأنها لم تقاطع أباها، وفي كل مرة تقوم مناوشات بسبب هذا الموضوع بين صديقتي وأمها ليتدخل الإخوة الباقون ويقومون بضربها وصديقتي بسبب خوفها من الله تتمنى البر بوالديها لكن أمها لا تدع لها مجالا لذلك بظلمها، وفي كل مرة تجاهد نفسها لتنسى ما مضى وتقوم بمعالجتها وشراء الملابس لها والمساهمة بالقسط الأكبر من المصاريف لكن في كل مرة العودة إلى نقطة الصفر فالأم مصرة على ظلمها وصديقتي غير قادرة على تحمل هذا الظلم من أمها (حتى إنها رفضت تزويجها لتقوم باستغلالها) وأكثر ما يحزنها هو كلمة عاصية الوالدين التي تستعملها أمها كل مرة. فصديقتي رغم حسنها وطبعها الهادئ والاجتماعي أصبحت مضطربة ومشوشرة وعدوانية وانزوائية، مرعوبة من المستقبل، لا تتمنى خاطبا لأنها تستحي من عائلتها المفككة وتخاف من معايرة زوجها لها، والأب لا يحرك ساكنا لما يجري في بيته. إني خائفة على صديقتي من الجنون فهي بسبب ورعها غير قادرة على أن تفعل ما يضرها أو يضر شرف عائلتها. فما عساكم تقولون لها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ننصحها به هو المبادرة إلى الزواج متى ما وجدت كفؤا ذا خلق ودين يؤنس وحشتها ويساعدها في كربتها، وليس لأمها ولا ولي أمرها وهو أبوها منعها من الزواج إن تقدم لها كفؤ ترضاه، وإن فعل فلها رفع أمرها للقضاة وولاة الأمر لتزويجها ورفع الظلم عنها، لكن ننبهها إلى أنه لا يجوز لها الإساءة إلى أمها مهما كان منها أو رفع الصوت عليها ومجادلتها بل تجب أن تبر بأمها وتحسن صحبتها ما بقيت معها، وإن أساءت إليها فإنها لا تبادلها الإساءة بل المودة والصبر واحتساب الأجر والمثوبة عند الله عز وجل، وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا.

ولعل سبب عقدتها هو تفضيل الأم للابن عليها، وهذا كثيرا ما يقع ويسبب الانفصام والعداوة بين الأبناء، ويأثم الآباء بذلك إن كان عن ظلم وجور لما يسببه من عقد نفسية للأبناء كما يأثمون بتقصيرهم في حقوق أولادهم الواجبة عليهم؛ ولذا حذر الشارع الحكيم منه وأمر بالعدل بين الأبناء في الهبة والعطية لئلا يحصل ذلك. فعلى تلك الأم أن تكف عن التمييز بين أبنائها كما تحب أن يكونوا لها في البر سواء.

ونصيحتنا أولا وأخيرا لتلك البنت أن تصبر وتحتسب الأمر عند الله، وتكثر من التضرع إليه ليفرج همها ويكشف كربتها ويرزقها زوجا صالحا تقر به عينها وتسعد به نفسها، وتحسن إلى أبويها دون تمييز وإن أساءوا إليها إذ لا يجوز مقابلة إساءتهم بمثلها، وللمزيد نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26960، 56480. وننصح بالتواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني