الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل الذكر المضاعف وحكم التسبيح بالمسبحة

السؤال

مان هو الأفضـل فى التسبيح: من يسبح الله فى اليوم 20ألف مرة فى اليوم، أو من يقول سبحان الله عدد خلقه ومداد كلماته وزنة عرشه؟ وماهو رأى الدين فى من يمسك سبحة وبها عداد منها ليسبح الله مائة ألف مرة وذلك ليعلم عدد التسبيحات، أو التحميدات، والاستغفارات وهويمسك السبحة ليعلم العدد ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد روى مسلم في صحيحه عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

قال القاري في المرقاة، وتبعه المباركفوري في المرعاة، والعظيم أبادي في عون المعبود:

(لوزنتهن) أي لترجحت تلك الكلمات على جميع أذكارك وزادت عليهن في الأجر والثواب، يقال: وازنه فوزنه، إذا غلب عليه وزاد في الوزن، كما يقال: حاججته فحججته. أو لساوتهن، يقال: هذا يزن درهما، أي يساويه ... وفيه تنبيه على أنها كلمات كثيرة المعنى لو قوبلت بما قلت لساوته. اهـ.

وقد عقد ابن القيم في المنار المنيف. فصلا لتفضيل هذا الذكر المضاعف، قال فيه:

هو أعظم ثناء من الذكر المفرد، فلهذا كان أفضل منه، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه.

ثم ذكر ـ رحمه الله ـ طرفا مما يتضمنه هذا الذكر من معاني التنزيه والتعظيم والثناء الذي يستحق الله تعالى، ثم قال:

والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره، وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه . وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد. فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرا وأكثرها عددا وأجزلها وصفا، واستحضر العبد ذلك عند التسبيح وقام بقلبه معناه كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره. اهـ.

وفي هذا دليل على أن الذكر بهذه الكلمات يفضل الذكر المجرد، ومما يدل على ذلك أيضا أن أبا أمامة رضي الله عنه مر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحرك شفتيه فقال: ماذا تقول يا أبا أمامة ؟ قال: أذكر ربي. قال: ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار و النهار مع الليل ؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض و السماء، سبحان الله ملء ما في السماء و الأرض، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول: الحمد لله، مثل ذلك. رواه النسائي وابن حبان، وحسنه المنذري وابن حجر والألباني.

ففي هذا الحديث التصريح بأفضلية هذا الذكر المضاعف، وأنه أكثر من ذكر الليل والنهار وهذا بالآلاف بلا شك.

وأما استخدام المسبحة للذكر فجائز، ولكن استعمال اليدين أفضل وأولى، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 609 ، 7051، 41435.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 80380 ، 49311 ، 32076.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني