الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إساءة الأب لا تبيح لولده التقصير في بره

السؤال

ما حكم الدين فى تعاملي مع والدي بالكلمة،أقصد الكلمة ولا أعقه فى أي أمر إن طلبه مني، وهذا بسبب أنه رفع صوته علي أمام أصهاري، وبعد ذلك فسخت الخطوبة. وهل يجوز أن أتقدم للفتاة لوحدي أو لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

لقد أمرنا الله بالإحسان إلى الوالدين، وجعل ذلك من أعظم الفرائض بعد الإيمان بالله، ومن أقرب السبل الموصلة إلى رضاه، كما نهى عن عقوقهما وجعله من أكبر الكبائر ومن أهم أسباب سخط الله.

أما عن سؤالك، فمهما كان من حال والدك أو إساءته إليك فإن ذلك لا يبيح لك عقوقه والتقصير في بره والإساءة إليه، ولا يجوز لك أن تخاطبه نداً لند وترد عليه الكلمة بالكلمة، فقد أمرنا الله بمخاطبة الوالدين بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، قال تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء:24}.

قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: وقل لهما قولاً كريماً. أي لينا لطيفاً مثل: يا أبتاه ويا أماه من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء وقال بن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولاً كريماً ما هذا القول الكريم، قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ. الجامع لأحكام القرآن.

وقال أيضاً: فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة في أقواله وسكناته ونظره، ولا يحد إليهما بصره فإن تلك هي نظرة الغاضب. الجامع لأحكام القرآن.

أما عن حكم تقدمك لخطبة فتاة وحدك دون أبيك فهو جائز، لكن ينبغي تجنب الأمور التي تسخطه مثل الإقدام على الخطبة بدون علمه إلا إذا علمت أنه سوف يمنعك من الزواج بدون مسوغ، أو يؤذيك إن علم بخطبتك.

وعلى كل حال، عليك بالاجتهاد في بره والإحسان إليه، والتفاهم معه وإقناعه بالرفق بزواجك بمن تريد حتى يكون معك عند التقدم للخطبة، فهذا بلا شك أولى، فالحرص على توقير والدك وإرضائه في المعروف سبيل فلاح في الدنيا والآخرة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني