الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فاقد الذاكرة لا يلزمه الصيام ولا بدله

السؤال

والدي فاقد الذاكرة بسبب نزيف في المخ وجلطة قديمة، وأنا توليت تصريف أموره. وسؤالي : هل نخرج عنه إفطار صائم عن الأيام التي لم يصمها العام الماضي وكذا هذا العام ؟ وهل يجوز لي البيع والشراء في ماله ويكون الربح له لتنمية ماله لسد حاجاته مستقبلا ؟ وهل يجوز أن أتصدق منه ويكون الأجر له؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجب الصوم على والدك- عفا الله عنه- إذا كان قد فقد عقله وصار إلى حد فقدان الذاكرة، فإن العقل هو مناط التكليف، فمن فقد عقله لم تلزمه التكاليف الشرعية من صلاة وصيام وغيرها، وإذا لم يلزمه الصوم لم يلزمه بدله وهو الإطعام، ومن ثم فلا يلزمكم أن تطعموا عنه مكان الأيام التي يفطرها، وإن كان قد أفطر في رمضان الماضي لهذا العذر لم يلزمكم شيء كذلك.

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إن الله - سبحانه وتعالى أوجب على الإنسان العبادات إذا كان أهلاً للوجوب ، بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء ، وأما من لا عقل له فإنه لا تلزمه الشرائع ، ولهذا لا تلزم المجنون ولا تلزم الصغير الذي لم يميز، بل ولا الذي لم يبلغ أيضاً ، وهذا من رحمة الله تعالى ، ومثله أيضاً المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون ، ومثله الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة فإنه لا يجب عليه صلاة ولا صوم ، لأنه فاقد الذاكرة وهو بمنزلة الصبي الذي لا يميز فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بها .
وأما الواجبات المالية فإنها تجب في ماله ولو كان فاقد الذاكرة
. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 12277.

وفي خصوص التصرف في مال أبيك، فتجدر الإشارة أولا إلى أن من صار في مثل حال أبيك فالواجب أن يرفع أمره إلى القضاء الشرعي ليقم له من يتولى أمور أمواله.

وإذا كنت أنت القيم بأمر أبيك والولي على ماله، فعليك أن تتصرف فيه بالأحظ له، فتتجر له فيه وتنميه بما تحصل به مصلحته.

جاء في المغني: ويتجر الوصي بمال اليتيم ولا ضمان عليه، والربح عليه لليتيم. فإن أعطاه لمن يضارب له به فللمضارب من الربح ما وافقه الوصي عليه. انتهى.

وفي معنى اليتيم المحجور عليه لجنون ونحوه. وانظر الفتوى رقم: 54950.

وليس لك أن تتصدق من ماله، لأن ولي المحجور عليه لا يتصرف في ماله إلا بالأحظ له كما نص على ذلك الفقهاء في باب الحجر.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع عند كلامه على تصرف الولي في مال المحجور عليه: وهل له أن يتبرع من ماله؟ لا. وهل له أن يتصدق؟ لا؛ لأن هذا ليس فيه حظ للصغير. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني