الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صاحب السلس هل يكفيه الوضوء الأول إذا لم ينتقض وضوؤه بناقض آخر؟

السؤال

إخوتي أعاني من سلس البول، وإني أتوضأ لكل فرض بعد دخول الوقت مع الاستنجاء والتحفظ، لكن شق علي ذلك، وخاصة عندما أكون خارج المنزل، مع العلم أني طالب، ولكن رأيت مقطعا في اليوتيوب اسمه كيف يتوضأ من عنده سلس البول - الشيخ العثيمين. ولقد تحدث فيه الشيخ على أنه اختلف العلماء بين من يقول يجب الوضوء لكل فرض، وبين من يقول لا يلزم إذا لم ينتقض بناقض آخر، وقال إن الأخير هو مذهب الإمام مالك وهو أقرب للصواب؛ لأن الوضوء لكل فرض فيه مشقة. فهمت من كلام الشيخ أنه لايجب تنظيف المكان لكل فرض، وإنما تكفي المرة الأولى. فهل هذا صحيح؟ أرجو منكم مشاهدة الفيديو لكي توضحوا لي. وهل إذا أخذت برأي الشيخ أعد ممن يتبعون الرخص المنهي عنها. وأنا لم آخذ برأيه إلا لأني تعبت ولا يحس بهذه المعاناة الا من ابتلي بها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا أن بينا في الفتوى رقم : 13362. أقوال الفقهاء في صاحب السلس؛ هل يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها؟ أو أنه يكفيه الوضوء الأول إذا لم ينتقض وضوؤه بناقض آخر؟ وذكرنا أن القول الأول هو قول الجمهور، والثاني قول المالكية. وما نسبه الأخ السائل للشيخ ابن عثيمين صحيح فقد قال رحمه الله تعالى : بعض العلماء قال : سلس البول لا ينقض الوضوء أيضا، إذا تطهر الإنسان أول مرة فإنه لا ينتقض وضوؤه ما لم يحدث بحدث آخر، وعلل ذلك بأنه لا يستفيد من الوضوء؛ إذ إن الحدث دائم فلا فائدة من الوضوء، نعم لو انتقض وضوؤه من ريح مثلا، وفيه سلس بول فهنا يجب أن يتوضأ. وهذا القول ليس ببعيد من الصواب. وكنت بالأول أرى أنه ينقض الوضوء، وأنه لا يجوز أن يتوضأ الإنسان للصلاة إلا بعد دخول وقتها، لكن بعد أن راجعت كلام العلماء واختلافهم، وقوة تعليل من علل بأن هذا الوضوء لا فائدة منه؛ إذ إن الحدث دائم تراجعت عن قولي الأول، وهذا القول أرفق بالناس بلا شك ... اهـ

ونحن نقول لا شك في أن قول الجمهور هو الأحوط والأبرأ للذمة، وهو المرجح في موقعنا، ولكن إذا رأيت أن في الأخذ به مشقة غير محتملة، وأردت أن تأخذ بالقول الآخر فإننا لا نضيق أمرا واسعا للاجتهاد فيه مجال، وإذا لم يكن قصدك في الحقيقة هو تتبع الرخص، فإنك لا تكون بمجرد الأخذ به متتبعا للرخص إن شاء الله. وانظر الفتوى رقم : 120226.

وقولك فهمت من كلام الشيخ أنه لا يجب تنظيف المكان إلخ. نقول: لم نقف على الكلام الذي سمعته أنت من الشيخ، وكلامه الذي ذكرناه آنفا لا يدل على ما فهمته؛ لأنه ينتاول مسألة نقض الوضوء فقط. ولكن التطهر من تلك النجاسة هو عند المالكية كما فهمت. وانظر له الفتوى رقم : 129342.
والله اعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني