الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تجويد الاستعاذة وترتيلها.. رؤية أصحاب التخصص

السؤال

ماحكم ترتيل الاستعاذه عند قراءة القرآن ؟ أي قول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" قبل قراءة القرآن ، هل تُرَتّل أم تُقرَأ بشكل عادي ؟ وجزاكم الله الفردوس الأعلى ووفقكم وسدد خطاكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمرنا الله بترتيل القرآن الكريم، فقال عز وجل: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [المزمل:4]
وأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نزينه بأصواتنا ، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به. رواه البخاري.
وروى أحمد في المسند عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زينوا القرآن بأصواتكم. وصححه الأرناؤوط.
وأما الاستعاذة فليست من القرآن ولا نعلم نصاً قرآنياً ولا نبوياً أمر بترتيلها، ولكنه لا يقل شأنه عن الجواز، فقد شاع عند أصحاب التخصص في علم القراءات الاعتناء ببيان وتطبيق أحكام التجويد فيها.

ومن المعلوم أن الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف كما روي عن علي رضي الله عنه ، فهذا الإمام الجزري رحمه الله يتكلم في النشر على أحكام الوقف على التعوذ وينقل كلام الإمام الداني فيه فيقول: ويجوز الوقف على الاستعاذة والابتداء بما بعدها بسملة كان أو غيرها ، ويجوز وصله بما بعدها ، والوجهان صحيحان ، وظاهر كلام الداني - رحمه الله - أن الأولى وصلها بالبسملة ; لأنه قال في كتابه " الاكتفاء " : الوقف على آخر التعوذ تام ، وعلى آخر البسملة أتم . وممن نص على هذين الوجهين الإمام أبو جعفر بن الباذش ، ورجح الوقف لمن مذهبه الترتيل ، فقال في كتابه " الإقناع " : لك أن تصلها - أي : الاستعاذة - بالتسمية في نفس واحد ، وهو أتم ، ولك أن تسكت عليها ، ولا تصلها بالتسمية ، وذلك أشبه بمذهب أهل الترتيل . فأما من لم يسم - يعني مع الاستعاذة - فالأشبه عندي أن يسكت عليها ، ولا يصلها بشيء من القرآن ، ويجوز وصلها . قلت : هذا أحسن ما يقال في هذه المسألة ... .اهـ

وقد شاع عند القراء المعاصرين ترتيلها وهذا معلوم لمن يسمع تلاواتهم المسجلة، وقد رأينا من الشيوخ المسندين في القراءات من يركز مع الطلبة على إتقان نطق ألفاظ التعوذ وتجويد حروفها وكان يذكر لهم في ذلك بعض الشواهد المنظومة ومنها قول الناظم :

وشنشن الشين من الشيطان وطنطن الطاء بلا بهتان

وقد تكلم بعض المعاصرين حول المسألة فقد جاء في جواب حول هذا الموضوع لإخواننا في ملتقى أهل التفسير : الاستعاذة عند التلاوة يكون حكمها في الترتيل حكم التلاوة ، لأنها تابعة للتلاوة . اهـ

وذهب بعض المعاصرين إلى أن التعوذ لا يرتل بل ينطق مثل الكلام العادي.

وممن قال بهذا الشيخ محمد صالح المنجد حيث قال في بعض دروسه الصوتية التي قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية: والاستعاذة ليست آية من القرآن، ولذلك لا ترتل ترتيلاً، وإنما تقال: بصوتٍ عال، فإذا بدأ يقرأ رتل الترتيل المعروف، وميَّز صوته بالتلاوة، ومن فوائد الجهر بالتعوذ: إظهار شعار القراءة، وأن السامع ينصت للقراءة ويعلم ماذا سيقوله القارئ وأن بعده قرآن. اهـ

وقال الشيخ الدكتور محمد عبد العزيز الخضيري في محاضراته في الأكادييمية الإسلامية المفتوحة: ننبه أيها الأحبة إلى أن الاستعاذة ليست آية من القرآن بل هي ذكر يقال قبل قراءة القرآن الكريم؛ لأن الله قال: ? فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ?[النحل: 98]، فهو ذكر يقال قبل قراءة القرآن الكريم، وبذلك نحن نقول: لا ينبغي لمن يقرأ القرآن ـ إذا أراد أن يستعيذ ـ أن يستعيذ بنفس التلاوة التي يقرأ بها القرآن الكريم، بل يقول مثلا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ذكر يقال قبل قراءة القرآن الكريم، ثم يرتل ما يريد أن يقرأه من كلام الله سبحانه وتعالى.

ولعل أصحاب الاختصاص من القراء أولى بالاتباع في هذا لأنه يغلب على الظن أن ما حرص عليه هؤلاء المسندون في القراءات من تطبيق أحكام الترتيل في التعوذ إنما أخذوه عن شيوخهم.

واتفاق كثير منهم على هذا مع تباعد أقطارهم في الشرق والغرب يدل على أنه معروف عمن تقدم من علماء السلف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني