الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين بيع السلم وبيع ما لا يملك

السؤال

أُشكل علي ما تقوم به بعض البنوك من بيع السيارات بالتقسيط للعملاء، حيث كان من مبررات تحريم العلماء لها أن البنوك تقوم بعقد البيع قبل تملك هذه السيارات وحيازتها من الوكالات، والسؤال: ألا يُمكن تخريج هذا البيع على بيع السلم؟ فإن المشتري من البنك إنما يطلب من البنك سلعة محددة بأوصافها ـ سيارة ماركة كذا لونها كذا موديل سنة كذا ـ ويدفع عربوناً أو قسطاً أو ما يحل محل هذا من تحويل الراتب على البنك، ثم يشتري له البنك السيارة التي تحمل هذه المواصفات من الوكالة التي هي ملتزمة مع البنك بتوفير السيارات له، مما ينفي إمكانية فشل البنك في تحصيل السلعة، بمعنى: ما هو سبب تخريج هذه الصورة على بيع ما لا يملك دون بيع السلم؟ وهل هو فقط عدم دفع الثمن كاملاً مقدماً؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يمكن تخريج بيع البنك للسيارة قبل دخولها في ملكه على بيع السلم، لأن بيع السلم بيع لموصوف في الذمة وما يفعله بعض البنوك بيع لموجود معين لا يملكه وهو نفسه ما سأل عنه حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق، فقال: لا تبع ما ليس عندك. حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

ولو فرضنا أن البنك يتفق مع الآمر بالشراء على سلعة موصوفة في الذمة مما ينضبط بالوصف على أن يسلمها إليه في أجل معين فلا بد من تسليم كامل الثمن في مجلس العقد، كما هو الحال في السلم، لئلا تكون المعاملة بيع دين بدين، كما بينا في الفتوى رقم: 26553.

وبالتالي، فبيع البنك للسيارة قبل تملكها يفارق بيع السلم في مسألة تقديم الثمن بمجلس العقد وكذلك جريان عقد البيع على سلعة معينة يحددها الآمر بالشراء، والبنك لم يملكها بعد فيدخل ذلك في بيع مالا يملك وربح ما لا يضمن، والعلماء لم يمنعوا بيع التقسيط، وإنما منعوا توقيع عقد البيع قبل تملك البنك للسيارة أو غيرها مما يرغب فيه الآمر بالشراء وعليه، فلو تمت المواعدة بين البنك والآمر بالشراء على المعاملة فللبنك أخذ ما يسمى بضمان الجدية من الآمر بالشراء، جاء في كتاب المعايير الشرعية الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين حول الضمانات المتعلقة بالشروع في عملية المرابحة ـ2/5/1: يجوز للمؤسسة أن تحصل من العميل ـ الآمر بالشراء ـ على كفالـة حسن أداء البائع الأصلي لالتزاماته تجاه المؤسسة بصفته الشخصية، وليس بصفته آمراً بالشراء، ولا وكيلاً للمؤسسة وعليه، فلو لم يتم عقد المرابحة تظل كفالته قائمة، ولا تطلب مثل هذه الكفالة إلا في الحالات التي يقترح فيها العميل بائعاً معينا تشتري المؤسسة منه السلعة موضوع المرابحة، ويترتب على هذا الضمان تحمل العميل الضرر الواقع على المؤسسة نتيجة عدم مراعاة البائع لمواصفات السلعة وعدم الجدية في تنفيذ التزاماته، مما يؤدي إلى ضياع جهود المؤسسة وأموالها أو يترتب عليه الدخول في منازعات ومطالبات باهظة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني