الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي للعبد ترك التوبة والاستغفار بسبب تكرار الذنب

السؤال

أنا شاب أعصي الله عندما أختلي بنفسي، ولكن إذا ما مدحني الناس أقول لهم إني إنسان عاص؛ لأني أستحي أن يعلم الله بمعصيتي وأخاف الناس وأنافقهم ولا أخاف الله, مع العلم أني أراقب الله في أغلب الأوقات حتى أثناء المعصية فأستغفره وأنا أعصيه؛ لأنني إنسان ضعيف في هذا الجانب بالتحديد، فمن الصعب التراجع - وأتمنى من الله أن يهديني وأستحي من الله أن أقول " أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم وأتوب إليه " فأقولها دون التوبة؛ لأني حاولت أن أتوب كثيرا ولكني أضعف، فأستحي من الله أن أكذب في شأن التوبة.
فهل الله يحبط عملي كله بذنبي أو حتى ولو جزءا صغيرا منه ؟ وهل ذنبي يغضب الله مني، أو تحل لعنته علي - والعياذ بالله - حتى وإن استغفرت، وقلت سبحان الله وبحمده 100 مرة؟
مع العلم بأني مصاب بداء الوسواس القهري، والذي أقنعني بأن الله سوف يغفر لكل الناس إلا أنا، ولكن الله هداني، وعلمت أن الله غفور رحيم، حيث قرأت الحديث القدسي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله تبارك وتعالى: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي، وصححه ابن القيم، وحسنه الألباني.
علمت أن رحمة ربي وسعت كل شيء، فلم أظن بالله ظنا سيئا وأقول لن تشملني ؟!
وهل أنا واقع في كبيرة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.

ثم اعلم أنه قد سبق أن بينا أن العبد ليس له أن يترك الاستغفار لمعاودته المعصية، بل عليه أن يستغفر، وأن حسنات المسيء وطاعاته لا تضيع ولا تحبط؛ فراجع ذلك بالفتويين: 117619 ، 112268.

وأما بخصوص حلول اللعنة بسبب المعصية، فليس كل معصية توجب اللعن، وإنما ورد اللعن في بعض الكبائر؛ راجع للفائدة الفتوى رقم: 140058.

ولا يعني هذا أن الأمر سهل، حتى ولو كان صغيرة، فلا تنظر إلى صغر المعصية، لكن انظر إلى عظمة من عصيت؛ راجع الفتوى رقم: 22267.

ونحذرك من وساوس القنوط من رحمة الله؛ راجع الفتويين: 112890 ، 146503.

وأما قولك للناس " أنا عاص" ، فالذي ينبغي هو استشعار ذلك لا قوله، وليس في سماعك مدحهم لك نفاق؛ لأنك لم تقل شيئاً، بل هم من مدحوك، والأحسن أن تأتي بهدي السلف فقد كان الرجل منهم إذا زكي قال: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.

راجع للفائدة الفتوى رقم: 138475، وتوابعها.

ثم اعلم يا أخي أن الوسواس شر مستطير في الدنيا، وخير علاج أن تلهى عنه، وتستطب، وقبل ذلك داوم التضرع إلى الله؛ وراجع الفتوى رقم: 3086

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني