الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا بأس بالدراسة عن بُعد لتحقيق رغبة الأبوين مع تحصيل العلوم الشرعية

السؤال

أنا طالب علم جزائري، لكن ولدت في إسبانيا. بعد تخرجي من الدراسة الثانوية في إسبانيا كنت أريد أن أدرس الدرسات الإسلامية في الجامعة، لكن رفض الوالدين بغير سبب شرعي. فدخلت إحدى الجامعات في إسبانيا، وفي العام الثاني تركت الجامعة لسببين.
الأول: المحرمات التي توجد في هذا المكان. الثاني: في تلك الفترة زدت الهمة في طلب العلم، والآن أقبلت على العلم، وعلى الحفظ، وحبب إليَّ العلم حبا شديدا، وتأثرت كثيرا بحفاظ الحديث، وما أريد أن أكون إلا عالما حافظا في يوم من الأيام. إلى الآن الوالدان يأمراني بإكمال الدراسة، يعني أن أرجع إلى إسبانيا معهم، وأكمل الدراسة. المسالة التي أشكلت عليَّ هي أن الوالد قد دفع تكاليف الجامعة، طبعا هو دفع فقط السنتين التي درست فيهما، وليس كل سني الدراسة، وظننت أن ترك الدراسة قد يسبب شيئا من الضرر له؛ لأني ما حصلت على شهادة، لكني سألت أبي لماذا تأمرني بإكمال الدراسة؟ فقال لي: لكي يكون عندك شهادة تعمل بها في المستقبل، وسألته عن التكاليف، فقال لي: ليس لأجل التكاليف، وأيضا هو غني، وعنده المال، وقد لا يضره حقيقة هذا، لكن لا شك أن هذا نوعا من خسارة المال.
والسؤال: هل يجب طاعتهما في إكمال الدراسة لو وجدت طريقة سليمة من الاختلاط؟ كالتعليم عن بُعد مثلا، أو أن أرجع إلى إسبانيا، وأحضر أيام الامتحانات فقط. مع العلم أنا لا أرغب في هذا التخصص؟ وإن لم يتيسر هذا، وكانت الجامعة التي سوف أدرس فيها عن بُعد يشترطون أن أبدأ الدراسة من أولها. فهل تجب طاعتهما في هذه الحال؟ وهل لو عملت لكي أحضر المبلغ التي دفعه أبي حتى أعطيه إياه، هل هذا يغني عن إكمال الدراسة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على حرصك على البر بوالديك، والحذر من الوقوع فيما فيه عقوق لهما، وكذلك حرصك على العلم الشرعي، فنسأل الله عز وجل أن يحقق لك مبتغاك في ذلك كله، وأن يجعله سبيلا لك إلى رضوانه ودخول الجنة. ونوصيك بالمواصلة في طلب العلم الشرعي على كل حال، فطلبه أصبح ميسرا الآن بتوفر الإنترنت، ووسائل التواصل، فإنك تجد عبرها دروس ومحاضرات كبار العلماء بين يديك. وهذا مما يجعل الجمع بين دراسة العلم الشرعي وهذه الدراسة التي يريدها لك والدك ممكنا.

وقد أحسنت بتركك الدراسة في الجامعة المشتملة على شيء من المحرمات؛ كالاختلاط ونحوه. ووجوب طاعة الوالدين ضبطها العلماء بكونها فيما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة على الولد، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 76303.

والذي يظهر - والله أعلم - أن في دراستك هذه غرضا صحيحا لوالدك، ونوع مصلحة، وإدخالا للسرور عليه، فحيث أمكنك إكمال هذه الدراسة من غير ضرر عليك فيها سواء بالدراسة عن بُعد أو غير ذلك، فافعل.

وأما كونك تعمل لتعوض أباك ما خسره، فلا داعي له، فهو قد بيّن لك أن هدفه مستقبلك، فلم ينفق عليك ليسترد منك هذا المال، أو يرجع به عليك، وهو غني، وليس بحاجة للمال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني