الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعليم الأطفال في المسجد بعض الأناشيد التي فيها موسيقى

السؤال

أعيش في ألمانيا، وأنشأنا مع بعض الإخوة والأخوات الذين درسوا القرآن الكريم والشريعة في دمشق، بالاتفاق مع أحد المساجد التركية، دورة للقرآن الكريم والحديث والفقه والسيرة والعقيدة والأخلاق لأطفال المسلمين في المنطقة، وكان صدى الدورة جميلًا، وله آثار إيجابية على الأطفال، ويدفع كل طفل رسم اشتراك رمزي شهريًّا لتغطية نفقات الدورة من مواصلات ووسائل تعليمية، وهدايا، وغيرها، وعدد المشرفين سبعة أساتذة، والعدد يشمل الذكور والإناث، ولدي أسئلة على ضوء ذلك:
١. أنشأنا قناة على اليوتيوب لأنشطة الدورة، وتلاوة القرآن للأطفال، وغيرها، فإذا نشرتها بين الأهل، خصوصًا والدي؛ لأنهما يحبان ذلك، والأصدقاء، فهل يذهب ذلك الأجر، وتصبح رياء؟
٢. بما أن المسجد صغير جدًّا، فنضطر لإنشاء حلقات في نفس المكان للذكور والإناث، ولكنها منفصلة عن بعضها، يختلط فيها الأطفال دون سن التمييز فقط، فهل هذا يجوز؟ وهل هناك حرمة إذا سمعت تلاوة النساء وهن يعلمن الأطفال؟
٣. بحكم البعد عن الإسلام وأهله، تحدث بعض البدع والمخالفات في المساجد التركية، مثل: احتفال يوم عاشوراء، وتوزيع الطعام، والمولد، ويطلب مني تلاوة القرآن فيها، وأنا منكِر، ولكني مستحٍ أن أرفض، فهل في مشاركتي إثم؟ وهل يجوز أكل هذا الطعام؟
٤. بعض المشرفات ترى أن نعلم الأطفال بعض الأناشيد حتى لا يظنوا أن ديننا جافٍ؛ لأنهم ينجذبون إلى أغاني النصارى في احتفالاتهم الدينية، ولكن بعض الأناشيد فيها بعض الموسيقى، مع جمال كلماتها، وأحيانًا يشغلونها على الهاتف في المسجد ليساعدوا الأطفال على حفظها، وأحيانًا يصفقون للمتفوقين في الحفظ، وقد نهيتهم عن ذلك كله من باب حرمة الموسيقى، وأدب المسجد، فلم يقتنعوا، ويجادلون، أو يسمعون ولا يطبقون، ووقع في نفسي من ذلك غم عظيم، فهل أترك الدورة؟ علمًا أنني بتركي لها أخسر أجر تعليم القرآن، والدين، والأطفال هنا بأمس الحاجة إلى ذلك.
٥. بعض النساء قد يكنّ معذورات يومًا ما بسبب الحيض، ولا سبيل لتعويض طلابهن لنقص عدد المشرفين، فهل يجوز لهن الجلوس في المصلى لتعليم القرآن، أم إن في ذلك مخالفة، كالمكث في المسجد، وتلاوة الحائض للقرآن؟
الأتراك هنا يقسمون المساجد إلى مصلى أساس للرجال، وصلاة الجمعة، وباحة مسجد، ومكان للقهوة واللعب، ومكان للنساء -إن وجدن-، وأحيانًا خيمة، أو مكان جلوس في رمضان للإفطار الجماعي، فهل كل هذه الأمكنة تأخذ حرمة المسجد بالنسبة للحائض؟ أم المحراب والمنبر فقط؟ أم نسأل من بنى المسجد هل قصد وقف المسجد بكل ذلك، أم إن الحرمة في مكان الصلاة فقط؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فجوابنا يتخلص فيما يلي:

1) نشر القناة بين أقاربك إذا كان بقصد إفادتهم؛ فإنه لا يعتبر رياءً، وإن كان بقصد مدحك، والثناء عليك؛ فإنه رياء، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 350956.

2) لا حرج في اختلاط الأطفال في حلقات القرآن إلا إذا بلغوا حدًا لا يؤمَن معه ثوران الشهوة، وانظر الفتوى رقم: 335665 عن العمر الذي يمنع فيه الصبيان والبنات من الاختلاط.

3) البدعة ضلالة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكل بدعة ضلالة. رواه مسلم. فلا يجوز أن تشارك فيها استحياءً من الناس، والله تعالى أحق أن تستحيي منه أن يراك على ضلالة.

والذي نوصيك به هو: محاولة نصح القائمين على المسجد برفق، ولين، وأن تبين لهم ما لا يُشرع مما يفعلونه، وأنه بدعة في الدين، وتبين لهم خطورة البدعة.

4) لا حرج في تعليم الأطفال بعض الأناشيد، لا سيما التي فيها تعليم شيء من العلوم الشرعية، كالأبيات الشعرية المتضمنة لأركان الصلاة، أو شروطها، أو أركان الإسلام، ونحو ذلك، ولكن لا يجوز استعمال الموسيقى بحال، ولا يجوز تنشئة الجيل المسلم على سماعها، فإنها منكر، وهم إذا نشؤوا عليه اعتقدوا حله.

ولا شك أن استعمال الموسيقى في المسجد، أشد حرمة.

ولا ننصحك بترك الدورة ما دمت تقدم لهم أمرًا نافعًا، ولكن الواجب إنكار الموسيقى، وإنكار رفعها في المسجد، ومنعهم من ذلك، وإذا لم يمتثلوا، فلا إثم عليك، ما دمت قد أديت واجب النصيحة، والإنكار.

ويشرع لك أن تصم آذانك عن سماعها، وتخرج؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى أحمد، وأبو داود، وغيرهما عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ، مِزْمَارًا، قَالَ: فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَنَأَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لِي: يَا نَافِعُ، هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَرَفَعَ إِصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا، فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا».

5) المفتى به عندنا هو عدم جواز دخول الحائض للمسجد، وعدم جواز تلاوتها للقرآن.

ولا نرى ضرورة تبيح للمدرسات في تلك الفترة دخولَ المسجد، وانظر الفتوى رقم: 175189 عن حكم دخول الحائض المسجد لأجل تعليم الأطفال، والفتوى رقم: 314695.

وساحة المسجد وملحقاته التي لا يُصلى فيها، لا تأخذ حكم المسجد، من حيث حرمة دخول الحائض إليها، وإنما تمنع من الدخول لمكان الصلاة، وانظر الفتوى رقم 5756.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني