الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المال المكتسب من بيع الزئبق الأحمر

السؤال

صديق يعرض علي مالا وفيرا، وحينما أصررت على السؤال عن المصدر؟قال لي هو عن طريق الزئبق الأحمر فهل هذا المال حلال أم حرام ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزئبق الأحمر من أكثر العناصر المثيرة للجدل، فبينما يؤكد البعض على وجوده، وأنه يدخل مباشرة في صناعة الأسلحة المتطورة، كما يدخل في صناعة النشاط الذري بمختلف أنواعه، يؤكد البعض الآخر أنه لا وجود له وأنه مجرد وهم بين أوساط المشعوذين، وحتى الآن لم يتم التأكد من وجوده حقيقة، وعلى فرض وجود هذا الزئبق الأحمر، وأن فيه منافع مباحة فلا مانع من بيعه وشرائه، إلا لمن عُلِم أنه سيستخدمه استخداماً محرماً مثل استخدامه في السحر والشعوذة، هذا هو الأصل، ولكن جهلنا بحقيقته وبحقيقة ما يقصد من منافعه وغموض التعامل مع الجن والسحرة بيعاً وشراء وسمسرة يجعلنا لا نستطيع الجزم بالحكم على التعامل فيه، وراجع للمزيد من الفائدة حول ذلك الفتوى رقم: 54837.

وعلى كل حال فإذا لم يكن هناك قرائن معتبرة تدل على أن صديقك حاز هذا المال من حرام، فلا حرج في قبوله، لأن الأصل أن ما بيد المسلم هو ملك له، أما إذا كان هناك قرائن معتبرة تدل على أن صديقك حاز هذا المال من حرام مثل بيع هذا الزئبق -على افتراض وجوده- للمشعوذين والسحرة الذين يستخدمونه في الشعوذة والسحر، أو مثل أن يستخدمه -هو- في السحر والشعوذة للحصول على المال، أو كان يخدع الناس ويبيعهم ما يزعم أنه الزئبق الأحمر بينما هو في الحقيقة مادة أخرى، فإن المال المكتسب من هذا البيع حرام، ولا تجوز معاملته فيه بأي وجه من وجوه المعاملة، سواء كانت بيعاً أو شراء أو قبول هدية أو قرضاً ونحو ذلك.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: قال ابن حبيب: ومن فعل ما نهي عنه بأن باع كرمه ممن يعصره خمراً، أو أكرى داره أو حانوته ممن يبيع فيها الخمر تصدق بجميع الثمن. وكذلك قال مالك... وهذا من أبين ما يكون في فساد العقد، فإنه لو كان صحيحاً لكان الثمن حلالاً، فإنا لا نعني بفساد العقد في حق البائع إلا أنه لم يملك الثمن الذي أخذه، ولا يحل له الانتفاع به بل يجب عليه أن يتصدق به إذا تعذر رده على مالكه، كما يتصدق بكل مال حرام لم يعرف مالكه.

وقال ابن رشد بعد كلام له في معاملة حائز المال الحرام: وسواء كان له مال سواه أو لم يكن لا يحل أن يشتريه منه إن كان عرضاً، ولا يبايعه فيه إن كان عيناً، ولا يأكل منه إن كان طعاماً، ولا يقبل شيئاً من ذلك هبة... ومن فعل شيئاً من ذلك وهو عالم كان سبيله سبيل الغاصب في جميع أحواله. فتاوى ابن رشد 645/1، وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40104، 48382، 54630، 7707.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني