الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

نص الرسالة أولا جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين كل الخير .....ووفقكم الله وجعل أعمالكم في موازين حسناتكم بعد أن قرأت الموضوع التالي .أود أن أسأل بعض الأسئلة ....
1- لماذا تم نسخ تلاوة بعض الآيات وتم نسخ الحكم في آيات أخرى دون نسخ التلاوة؟ ..... أو بعبارة أخرى ,ما هي الحكمة من هذا الاختلاف ؟
2- الآيات التي تم نسخ حكمها دون تلاوتها ....ألا تكون متعارضة مع الآيات التي نسختها ؟
3- كيف يمكن الرد على من يقول إن في القران آيات لا تتوافق وعملية النسخ مثل(سنقرئك فلا تنسى).....(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
4- ما هي الشبه التي يمكن أن تثار حول هذا الموضوع وكيف يرد عليها ؟
لدي تعقيب بسيط: أنا مسلم والحمد لله وليس لدي أدنى شك في القران أو في صحته ولكن أرجو الإجابة على هذه الأسئلة كما لو أن الذي سألها ليس بمسلم حتى يمكنني الرد على من قد يسأل هذه الأسئلة من غير المسلمين. جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالنسخ سواء كان نسخا لتلاوة بعض الآيات أو نسخا للأحكام الواردة فيها... فقد صرح القرآن الكريم بالحكمة منه. قال الله تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {البقرة:106}. قال ابن جرير: (ما ننسخ) أي: ما ننقل من حكم آية إلى غيره، فنبدله ونغيره، وذلك أن نحول الحلال حراما، والحرام حلالا، والمباح محظورا، والمحظور مباحا، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة، فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ. انتهى المراد منه.

وقال الشوكاني عند قوله تعالى: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا: نأت بما هو أنفع للناس منها في العاجل والآجل، أو في أحدهما، أو بما هو مماثل لها من غير زيادة. انتهى المراد منه.

والله تعالى حين نسخ بعض أحكامه ببعض...علم أن الحكم الأول المنسوخ منوط بحكمة أو مصلحة تنتهي في وقت معلوم، وعلم بجانب هذا أن الناسخ يجيء في هذا الميقات المعلوم منوطا بحكمة وبمصلحة أخرى. ولا ريب أن الحكم والمصالح تختلف باختلاف الناس، وتتجدد بتجدد ظروفهم وأحوالهم.

ثم التعارض الذي يكون بين الآيات الناسخة والمنسوخة لا يسمى تعارضا؛ لأن التعارض إنما يكون لو كان كل من الناسخ والمنسوخ مأمورا بفعله. أما وقد علم أن هذا قد انتهى العمل به منذ نزول ذلك، فلا تعارض -إذاً-.

وأما قوله تعالى: سنقرئك فلا تنسى، فقد جاء بعدها قوله تعالى: إلا ما شاء الله. قال بعض أهل التفسير: أي إلا ما شاء الله أن ينسخه فتنساه.

وقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9} ، قال البغوي في تفسيرها: حفظ القرآن من الشياطين أن يزيدوا فيه أو ينقصوا منه أو يبدلوا. قال الله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ {فصلت: 42}.

فلا تعارض -إذاً- بين الآيتين الكريمتين وبين النسخ في القرآن.

وأما الشبه التي يمكن أن تثار حول هذا الموضوع فهي هذه التي أثرتها أنت، والرد عليها هو ما علمته.

وختاما نوصيك -أيها الأخ الكريم- بأن تصون نفسك عن التعرض للشبهات؛ لأن الشبهة قد تستقر في قلوب ضعفاء الإيمان. وقد نص العلماء على حرمة النظر في كتب أهل الكتاب لما فيها من التحريف، ولا شك في أن النظر في شبهاتهم سيكون أشد تحريما، لما يمكن أن يجلبه للمسلم الذي ليس له سلاح كبير من العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني