[ ص: 181 ] ثم قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله )
قوله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ) من القرار ، وإسقاط أحد حرفي التضعيف كما قال تعالى : ( فظلتم تفكهون ) [ الواقعة : 65 ] وقيل : بأنه من الوقار كما يقال : وعد يعد عد ، وقوله : ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) قيل معناه : لا تتكسرن ولا تتغنجن ، ويحتمل أن يكون المراد لا تظهرن زينتكن . وقوله تعالى : ( الجاهلية الأولى ) فيه وجهان :
أحدهما : أن المراد من كان في زمن نوح ، والجاهلية الأخرى من كان بعده .
وثانيهما : أن هذه ليست أولى تقتضي أخرى ، بل معناه القديمة كقول القائل : تبرج الجاهلية
أين الأكاسرة الجبابرة الألى
.ثم قال تعالى : ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ) يعني ليس التكليف في النهي فقط حتى يحصل بقوله تعالى : ( فلا تخضعن ) ، ( ولا تبرجن ) بل فيه وفي الأوامر ( وأقمن الصلاة ) التي هي ترك التشبه بالجبار المتكبر ( وآتين الزكاة ) التي هي تشبه بالكريم الرحيم ( وأطعن الله ) أي ليس التكليف منحصرا في المذكور ، بل . كل ما أمر الله به فأتين به وكل ما نهى الله عنه فانتهين عنه
ثم قال تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) .
يعني ليس المنتفع بتكليفكن هو الله ولا تنفعن الله فيما تأتين به ، وإنما نفعه لكن وأمره تعالى إياكن لمصلحتكن ، وقوله تعالى : ( ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم ) فيه لطيفة وهي أن الرجس قد يزول عينا ولا يطهر المحل ، فقوله تعالى : ( ليذهب عنكم الرجس ) أي يزيل عنكم الذنوب ( ويطهركم ) أي يلبسكم خلع الكرامة ، ثم إن الله تعالى ترك خطاب المؤنثات وخاطب بخطاب المذكرين بقوله : ( ليذهب عنكم الرجس ) ليدخل فيه نساء أهل بيته ورجالهم ، واختلفت . والأولى أن يقال : هم أولاده وأزواجه الأقوال في أهل البيت والحسن والحسين منهم وعلي منهم لأنه كان من أهل بيته بسبب معاشرته ببنت النبي عليه السلام وملازمته للنبي .