الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في المغمى عليه تفوته الصلاة

السؤال

دخلت منذ فترة مستشفى إثر وعكة صحية وزاد علي الألم داخل المستشفى ولذا دخلت العناية المركزة ومكثت فيها فترة طويلة وكانت كل أجهزة الجسم متوقفة وكنت فاقد الوعي تماما ولم يتم معرفة سبب ذلك وقد تجاوزت هذه الأزمة بالدعاء والصدقة من أصدقائي الصالحين، وكنت في هذه الفترة لا أصلي فهل علي من قضاء لهذه الفترة، بعدما أصبحت ولله الحمد بخير مع أنني مازلت أعاني من بعض الآلام تعوقني أحيانًا من الذهاب إلى المسجد للصلاة فأصلي في البيت، أرجو أن تعطيني بعض النصائح لكي أنسى ما حدث لي لأني لا أستطيع أبداً النسيان؟ وجزاكم الله عنا خيراً، وجعله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا أولاً نسأل الله تعالى أن يشفي الأخ السائل من كل داء، وأن يجعل ما أصابه كفارة لسيئاته، ونبشره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها. رواه البخاري ومسلم. وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت بالمقاريض. رواه الترمذي والبيهقي وحسنه الألباني.

وأما عن الصلوات التي فاتتك حين أغمي عليك فقد تعددت أقوال العلماء في المغمى عليه تفوته الصلاة هل يلزمه القضاء بعد الإفاقة؟ فمنهم من قال لا قضاء عليه مطلقاً إلا أن يفيق في جزء من وقت الصلاة وهذا قول مالك والشافعي.

وذهب أبو حنيفة إلى أن من أغمي عليه خمس صلوات قضاها، وإن زادت سقط فرض القضاء في الكل.

وذهب الحنابلة إلى وجوب القضاء على المغمى عليه، لما ثبت عن عمار: أنه أغشي عليه ثم استفاق بعد ثلاث، فقال: هل صليت؟ فقيل: ما صليت منذ ثلاث، فقال: أعطوني وضوءاً فتوضأ ثم صلى تلك الليلة.

والمفتى به عندنا هو قول المالكية والشافعية.

ولا شك أن القول بوجوب القضاء هو الأحوط والأبرأ للذمة، فلو أخذ به الأخ السائل كان حسناً، وإن كانت الصلوات الفائتة كثيرة فليصل مع كل صلاة صلاةً مثلها حتى يقضي ما عليه، وقد روى أبو مجلز أن سمرة بن جندب قال في المغمى عليه يترك الصلاة: يصلي مع كل صلاةٍ صلاة ً مثلها. انتهى.

وإننا ننصح الأخ السائل باحتساب الأجر عند الله تعالى فيما أصابه وليصبر على قضاء الله وقدره، فإن الصبر على القضاء دليل الفلاح، وقد قال أحد السلف: ما أصابتني مصيبة إلا كان لله علي فيها نعمتان، أنها لم تكن في ديني، وأنها لم تكن أكبر منها. وانظرالفتوى رقم: 19002 عن صبر أيوب عليه السلام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني