الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل عند من يغش الناس

السؤال

أنا أعمل في مجال الهندسة المعمارية. ولقد تعينت في وظيفة حديثة في مكتب مقاولات وإنشاء. اكتشفت مؤخراً أن صاحب العمل يقوم بأخذ كميات معينة من المواد من مقاولين ثم يحاسبهم علي كمية أقل عن طريق الغش والخداع, كما أنه يقوم بإعطائهم كميات معينة من المواد ويحاسبهم على كميات أكبر عن طريق الغش أيضاً. وأصبحت أنا المسؤول الآن عن القيام بهذا العمل لأنه يراني مجدا ومجتهدا. أريد أن أعرف إن كان ذلك حراما أم لا, وما إذا كان المرتب الذي أحصل عليه من أموال حرام أم حلال ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد حرم الله الكذب والغش على المسلمين، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من الغاش بقوله: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم.

ولا شك أن أخذ كميات معينة من المواد من المقاولين ومحاسبتهم على أنها أقل، يعتبر غشا وكذبا وأكلا لأموال الناس بالباطل. وكذا الحال في إعطائهم كميات معينة من المواد ومحاسبتهم على كميات أكبر.

فعليك أن تدعو صاحبك هذا إلى التوبة، وتنصحه بعدم الإقدام على هذا الفعل. وما كان قد حصل منه في الماضي، فإن أمكنه معرفة أولئك الذين كانوا يبيعون له أو يبتاعون منه، وجب عليه أن يرد إليهم فارق قيمة تلك الأشياء المبيعة. وإن تعذرت معرفتهم تصدق عنهم بذلك إلى الفقراء والمساكين. ثم إن عثر بعدُ على أحد منهم خيره بين إمضاء الصدقة والأجر له، وبين دفع الفارق له ويكون الأجر للمتصدق به ، هذا فيما يخص صاحبك .

وأما أنت فإن تاب صاحبك وابتعد عن الغش والخداع فلا بأس ببقائك معه ، وإن لم يرعو عن هذا الفعل، فلا يجوز لك البقاء معه. لأن في بقائك إعانة له على هذا المنكر والإثم الشنيع. والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة :2} وفيما يخص الراتب الذي كنت تتقاضاه من هذا العمل، فما تقاضيته منه قبل علمك بما يقوم به صاحبك فهو حلال عليك، وكذا ما استفدته وأنت جاهل بالحكم الشرعي فيه، فالله تعالى يقول في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة :275} وأما بعد علمك بالحكم الشرعي فإن الراتب لا يباح لك إذا لم ينثن صاحبك عما هو عليه من الغش والخديعة للناس .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني