الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المال المكتسب من خياطة فساتين الأفراح

السؤال

أنا خياطة أفصل الفساتين وأصممها للحفلات والأعراس، ويتم فصل الأفراح النسائية عن الرجالية في محيطي وبلد إقامتي، وأخاف من أن يكون مالي حراما إذا صممت لإحداهن فستانا يظهر الأكتاف أو نصف الساق أو الذراعين، مع العلم أنني لا أتجاوز هذا الحد، وقد قرأت في موقعكم أن عورة المرأة من السرة إلى الركبة بين النساء، فاطمأننت، ثم وجدت في موقع آخر من يقول إن القول بأن العورة من السرة إلى الركبة لا يجيز أن تلبس المرأة ما تشاء، بل هو من أجل أنه إذا انكشف شيء من ساقها بين أخواتها أو رفعت ثوبها للمسح أو أرضعت طفلها، فلا تأثم، وأن عورة النظر تختلف عن عورة اللباس، فخفت وأعدت البحث في محرك البحث ووجدت الكثير من الفتاوى توافق هذا الرأي وبدليل قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ... الآية، ولا أعلم من الثقة حتى أتبع رأيه، فأنا أدرس وأصرف على نفسي وأهلي من هذا المال.
وجزاكم كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يطيب مالك، ويرزقك الورع، ولا نرى بأسا بتصنيع الفساتين على هذه الصفة، فعامة العلماء على أن عورة المرأة مع المرأة ما بين السرة والركبة، وعلى هذا القول، فلا إشكال فيما تفعلينه، وحتى على قول من قال من المعاصرين: كعورتها أمام المحارم، فيجوز للمرأة كشف ذراعيها وأنصاف ساقيها أمام المحارم، وانظري الفتوى رقم: 185589.

قال السمعاني: وَاعْلَم أَن الزِّينَة زينتان: زِينَة ظَاهِرَة، زِينَة باطنة، فالزينة الظَّاهِرَة هِيَ الْكحل والفتخة والخضاب إِذا كَانَ فِي الْكَفّ، وَأما الخضاب فِي الْقدَم فَهُوَ الزِّينَة الباطنية، وَأما السوار فِي الْيَد، فَعَن عَائِشَة أَنه من الزِّينَة الظَّاهِرَة، وَالأَصَح أَنه من الزِّينَة الْبَاطِنَة، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَأما الدملج والمخنقة والقلادة، وَمَا أشبه ذَلِك، فَهُوَ من الزِّينَة الْبَاطِنَة فَمَا كَانَ من الزِّينَة الظَّاهِرَة يجوز للْأَجْنَبِيّ النّظر إِلَيْهِ من غير شَهْوَة، وَمَا كَانَ من الزِّينَة الْبَاطِنَة لَا يجوز للْأَجْنَبِيّ النّظر إِلَيْهَا، وَأما الزَّوْج ينظر ويتلذذ، وَأما الْمَحَارِم ينظرُونَ من غير تلذذ. انتهى.

والدملج هو ما يكون على العضد، جاء في تاج العروس: دملج: الدُّمْلُجُ كجُنْدَبٍ فِي لُغَتيه، أَي بِفَتْح الّلام وضمّها والدُّمْلُوجُ، مثل زُنْبُورٍ: المِعْضَدُ، من الحُلِيِّ. انتهى.

وجاء في المعجم الوسيط: الدملج والدملوج، سوار يُحِيط بالعضد. انتهى.

ومفاد كلامه جواز لبسه أمام المحارم.

وأما الكتفان ـ على هذا القول ـ فليس مما يبدو غالبا، فلو شئت أن تتورعي عن تصنيع فساتين تكشف الكتفين، فلك ذلك وانظري الفتوى رقم: 10000.

ومع هذا، فجمهور العلماء على جواز ذلك، وانظري الفتويين رقم: 273805، ورقم: 156183.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني