الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كف الشهوات والاستعاذة بالرحمن من أذى الشيطان

السؤال

أنا امرأة أبلغ من العمر 23 سنة، متحجبة بالجلباب والخمار، وملتزمة بدين الله وشرعه ومتبعة لسنة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، إني أعمل دائما على طاعة الله، بفعل الفرائض والتقرب إليه جل وعلا بالسنن والنوافل، وفتح الله علي أبواب الخير بأني أعمل في الدعوة إليه وإني دائما في اجتهاد في الدعوة، إني أخشى الله وعندي دائما والحمد لله حس مراقبة الله تعالى علي، إني لا أجرؤ أن أعصي الله قصداً وعمداً، فكل ذنب ومعصية مني يكون سهواً ومن نفسي الأمارة بالسوء ومن وساوس الشيطان الرجيم والعياذ بالله، فاسأل الله العفو والمغفرة لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات، إلا أن هناك غيمة سوداء في حياتي، أشعر بأنها تهدد مصيري وأخشى أن لا يرضى عني الله، دائما يأتي في ذهني أفكار غير مشروعة أي لا يقبلها الله (هذه الأفكار لا تخص العقيدة والحمد لله: إنما هي أني كلما رأيت رجلا تهاجمني أفكار وشعور تجاه الرجل لا يرضاه الله، مع العلم بأني متزوجة وعندي ولد، وإني أحب زوجي وهو ملتزم)، وإني دائما على الفور أقاوم نفسي، كلما جاءت هذه الأفكار، وأطردها بالاستغفار للرحمن وذكر الله والانشغال بأمور أخرى، إلا أن الأمر يتكرر دائما وسئمت نفسي منها، وأصبحت أخشى على نفسي من نفسي، فهل هذا يعني من عدم علامات رضا الله عني، أم ماذا، إني أخاف الله وأريد رضاه وحبه فكيف لي بتحقيق منايا ونفسي تشرد بما لا يرضاه الله، وإحساسي يخون نفسي بما لا أحبه ولا الله يحبه، أني اسألكم بالله أن تسارعوا في مساعدتي قبل أن يفوت الأوان وتنقطع أنفاسي عن هذه الدنيا، فلا ينفع وقتها ندم ولا حسرة؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الإنسان في هذه الحياة بين لمة ملك يأمره بخير، ولمة شيطان يأمره بشر، ففي الحديث عند الترمذي والنسائي وغيرهما عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء. هذا حديث حسن غريب، وقال المناوي في فيض القدير: وسندهما سند مسلم إلا عطاء بن السائب فلم يخرج له مسلم إلا متابعة.

وإذا جاهد العبد نفسه على فعل الطاعة وترك المعصية فإن الهداية حليفه، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}، وإذا فعلت ما يجب عليك من غض البصر، وتجنب ما يثير الشهوات، فلا إثم عليك في الخواطر التي ترد على ذهنك ولم تسمحي لها أن تستقر، وليس هذا دليلاً على عدم رضا الله عنك، فإن هذا من الابتلاء والاختبار، وأنت مأجورة على صبرك وكف شهوة نفسك، وصرف هذه الخواطر قدر استطاعتك، والله يرعاك ويحفظك ويصرف عنك كيد الشيطان ومكره وتزيينه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني