الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع الفوائد الربوية إلى الزوج

السؤال

الحمد لله على أن أعانكم علي إنشاء هذا الموقع النافع لنا جميعا إن شاء الله، أما سؤالي فهو أني لي مبلغ من المال أضعه في بنك ربوي وأريد أن أخرج الأرباح إلى المحتاجين كي أنظف أموالي منها ولكن زوجي يرفض بشدة ويريد أن يأخذها ليكمل بناء بيت له ويقول لي إنه سيأخذها مني علي سبيل السلف ثم يخرج مبلغا ما كل فترة حتى انتهاء المبلغ الذي يجب إخراجه ويهددني بالطلاق إذا خالفت ما يريد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يجوز للسائلة الكريمة أن تضع أموالها في بنك ربوي مطلقا سواء ترتبت على هذه الأموال فوائد أم لا،

لأن في وضع هذه الأموال في البنك الربوي إعانة له على الإثم، ذلك لأنه يستعمل هذه الأموال في الإقراض بالفائدة ونحوها من مشاريعه القائمة على الربا، فعليك بسحب هذا المبلغ من البنك وما زاد على رأس مالك يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة، وإذا كان زوجك فقيرا محتاجا إلى هذه الفوائد ليبني بها بيته الذي يسكنه فلا مانع من دفعها إليه باعتباره أحد مصارف هذه الفوائد وهو أولى من غيره.

أما إذا لم يكن فقيرا محتاجا فلا يجوز دفع هذه الفوائد إليه ولا يطاع في ذلك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق جل وعلا، وأنت مأمورة شرعا بإنفاق المال الحرام في مصالح المسلمين العامة أو بصرفه على الفقراء إما بنفسك أو بمن يقوم بذلك، وتتحملي تبعة التفريط في صرفه إلى غير الجهة المتقدمة.

جاء في المجموع للنووي رحمه الله قال: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه.... إن كان المالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرف في مصالح المسلمين العامة كالقناطر والربط والمساجد.. وإلا فيتصدق به على فقير، وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا ،فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه، فإن سلمه إليه صار المسلم ضامنا... فإن عجز عن ذلك تولاه بنفسه فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة.

وجاء في الإنصاف في التصدق بالمال الحرام على الفقراء عند تعذر رده إلى أصحابه قال: ولا تجوز محاباة قريب وغيره. اهـ

وبالجملة فمن تحصل في يده مال حرام فإنه يضمنه، فإذا صرفه إلى غير الجهة المستحقة فهو ضامن له.

وكما أن هذا المال حلال لمن أخذه بحق فهو حرام على من أخذه بباطل.

جاء في مطالب أولي النهى: وإذا أنفقت الأموال المحرمة كانت لمن يأخذ بالحق مباحة، كما أنها على من يأكلها بالباطل محرمة.

وخلاصة القول أنه لا مانع من دفع الفوائد إلى الزوج بشرط الحاجة والفقر وهو أولى، وإذا لم تك حاجة ولا فقر فلا تدفع إليه، وإن أصر وبالغ وهدد بالطلاق فليس هذا من حقه ولا يطاع في هذا ولو أخذها دينا ليدفعها بعد ذلك إلى الفقراء، فإن هذه الأموال يجب أن تخرج فورا وتصرف إلى مستحقيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني