الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المجالس التي يجتمع فيها الرجال بالنساء

السؤال

اضطرتني الظروف أن أذهب لزيارة خطيبة أخي لأتعرف عليها هي ووالدتها فجلسنا جميعا أنا ووالدتي وأخي ووالدتها ووالدها فى مكان واحد، علما بأني منتقبة أنا ووالدتي ووالدتها وتحدثنا جميعا فى مواضيع عامة بجدية تامة، فهل هذا فيه مخالفة فى الشرع.
وهل يجوز لي إذا كنت عند والدتي أزورها وقمت بالرد على الهاتف ووجدت ابن خالتي أن أسلم عليه وأبارك له على زواجه أو أبلغه أن يرسل سلامي إلى زوجته أو ما شابهه.
وهل أيضا يجوز لزوجي إذا قام بالاتصال بعمه وردت ابنة عمه أن يسلم عليها ويسألها عن حال زوجها، أرجوكم أجيبوني بالتفصيل ولا تحيلوني إلى فتاوى مشابهة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمتوقع في مثل هذه المجالس التي يجتمع فيها الرجال والنساء ثلاثة أمور:

الأول: الخلوة بين رجل وامرأة أجنبيين، كأن يخلو الرجل ببنت عمه أو عمته وبنت خاله أوخالته، وهذا محرم اتفاقاً، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل، فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزوة كذا وكذا قال: انطلق فحج مع امرأتك. متفق عليه، فإذا كان الجلوس بلا خلوة، ومنضبطاً بالضوابط الشرعية التي أشرنا إليها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4031، 26838 فلا مانع منه والأفضل اجتنابه بتاتاً.

الثاني: الحديث بينهم، وهذا يجب أن يكون مع الحشمة والأدب، وعدم الخضوع بالقول، قال الله تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}. قال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله: أمرهن الله تعالى أن يكون قولهن جزلاً، وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يحدث في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين المطمع للسامع. انتهى من كتاب أحكام القرآن. وقال العلامة الخادمي الحنفي رحمه الله في كتابه بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة. انتهى.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في أسنى المطالب: (لا أجنبي شابة) فلا يعزيها إلا محارمها وزوجها وكذا من ألحق بهم في جواز النظر فيما يظهر. انتهى. وقال الإمام ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في الفروع: وليس صوت الأجنبية عورة على الأصح، ويحرم التلذذ به ولو بقراءة. انتهى. وقال العلامة منصور بن يونس البهوتي الحنبلي رحمه الله في كشاف القناع: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعا للمفسدة. انتهى.

وانظري الفتوى رقم: 73220، والفتوى رقم: 78561، وبخصوص الكلام عبر الهاتف على التحديد تراجع الفتوى رقم: 61560.

والثالث: النظر من كل منهما للآخر، وهذا محرم على الصحيح ولو أمنت الفتنة، لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ... {النور:31}، وانظر الفتوى رقم: 50794.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني