الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم السن لا يمنع من طلب العلم

السؤال

أنا طالب علم، ولكن أجد في نفسي فتورا هذه الأيام، وأحيانا يهيأ لى أنني لن أستطيع أن أحصل شيئا عندما أسمع علماءنا، فأقول لنفسي: متى أحصل هذا العلم؟ فأصاب بإحباط. فانصحوني وجزاكم الله خيرا ؟ وأنا عمري 29عاما.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فزادك الله حرصا وعلما، ونفعك بما علمك، فأما مسألة السن فاعلم أخي الكريم أن كثيرا من الصحابة أسلموا في مثل سنك أو يزيد، وهناك من العلماء الكبار من بدأ طلب العلم وهو كبير السن كابن حزم الأندلسي، فإنهم يذكرون أنه بدأ الطلب بعد أن تجاوز السادسة والعشرين. ثم إن المرء قد يفوته السبق فيلتهب حماسة ليدرك من سبقوه، ولا يزيده تأخره إلا عزما على التدارك، وتذكر كيف سبق عمر بن الخطاب إلى الإسلام تسعة وثلاثون نفسا، فلما أسلم سبق الجميع إلا أبا بكر، وكان سنه إذ ذاك سبعا وعشرين سنة.

وأما الإحباط الذي يصيبك إذا سمعت أهل العلم واستبعادك للحاق بهم، فهذا من وسوسة الشيطان وضعف النفس، وكان اللائق أن تجتهد وتسأل الله من فضله، كما قال تعالى: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ. {النساء: 32}.

قال السعدي: ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة، فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها. ولأنه يقتضي السخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب. وإنما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه. اهـ.

فدع عنك أخي الكريم وسوسة الشيطان وضعف الهمة، واستعن بربك وتوكل عليه، وألح عليه في الدعاء، واتق الله وتقرب إليه بنية صادقة وعمل صالح ييسر لك أمرك، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. {الطلاق: 2-3}... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا .{الطلاق: 4}.. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا. {الطلاق: 5}.

وقد سبق لنا بيان علاج الفتور في طلب العلم، في الفتوى رقم: 117572. وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 65385، 4131، 8563.

كما سبق لنا بيان عوامل الفتور وأسبابه بصفة عامة وسبيل إصلاح ذلك، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 121317، 17666، 51169.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني