الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في اقتراض من يجبي الزكاة والتبرعات منها وأخذ الأجرة على جمعها

السؤال

جزاكم الله خيرا على مساعيكم المباركة نسأل الله أن يثقل الله بها ميزانى حسناتكم أمين.
أرجو أن يتسع صدركم لسؤالي ثم أن تجيبوني بإجابة مفصلة وليست مختصرة حتى أستطيع أن أقنع بها نفسي وألتزم بها، وسأجعل فتواكم حجة لي يوم القيامة.
لكي أشرح عن نفسي إنسان الحمد لله ملتزم أجتهد بقدر المستطاع، أسأل الله الستر وأن لا يفضحني على تقصيري، أسألكم الدعاء، ثم بجانب عملي أسست منظمة إغاثية لمساعدة أهل بلدي، الحمد لله، الله وفقنا وبفضل الله حققت نجاحا مباركا، والله عز وجل وهبني من رحمته لسانا مؤثرا وقبولا عند الناس وكل ذلك برحمته وتوفيقه والدعاء من الأرامل والأيتام الذين نكفلهم لدى من يساعدني، ولكن كل عمل أقوم به شبه لوحدي وهذا أكثر من 3 سنوات ويكلفني مجهودا جبارا، أتعب كثيرا ويأخذ من وقتي كثيرا ولا آخذا من هذا العمل أي مقابل فقط أحتسب الأجر عند الله، أسأل الله القبول، في الفترة الأخيرة مرت علي ظروف صعبة اقتصاديا وبإمكاني أن أحلها لو أعمل لي نفسي كل الوقت ولكن لو تفرغت لنفسي سيتوقف عملي الإغاثي كليا، والحمد لله هناك أكثر من 100 يتيم مكفولين، وبجانب هذا عمل موسمي مثل إفطار الصائم، الأضاحي، زكاة الفطر. كلها قائمة على عاتقي، بسبب الظروف التي تمر علي أصبحت آخذ من الأموال جزء غير مشروط ولكنه ليس لي لهم للمشروع الذي أعمل فيه، آخذ منه على أساس دين لكي أسدده عند ما يسهل الله لي الأمور وهذا طبعا عهد بيني وبيني ربي وكفى بالله شهيدا على ما أقول.
سؤالي: ما حكم فعلي هذا
أولا: أخذي على أساس الدين لكي أسدده فيما بعد؟
ثانيا: هل هذا يحول بيني وبين استجابة الدعاء؟
ثالثا: أنا إنسان لحوح في الدعاء وأكثر ما أقوله في كل صلاة أصليها: اللهم لا تدخلني القبر وأنا علي دين لأحد. هذا الدعاء أكرره ليلا ونهارا حتى عند نومي قبل دعاء النوم عند ما آوى إلى فراشي. فما حكم دعائي هذا هل صحيح ؟ هل الله سيقبل منى أم لا؟ هل هناك موانع؟ وأنا إنسان رقيق القلب وأبكى عند ما أتذكر حالي ووقوفي بين يدي ربي، وللعلم أنا إنسان بار بأمي، والحمد لله قد أعطتني رضاها قائلة أنا راضية عنك فليرض عنك ربك بابني، وقالت لي: أنت لا تسأل أمام الله يوم القيامة عن بري. هذا قول أمي. هل هذا ينفعني في أن أخرج من أي مشكلة أو هم يحل بي؟ أرجوا أن أجد شرحا وافيا حتى تطمئن نفسي وكذلك أطمئن على عبادتي وخاصة أني مربي وأب ولدي أولاد 4 هل هذا سينعكس بالشر على أولادي وأسرتي؟ هل ما أفعله أخذ من هذا المال على نية تسديده قبل مماتي له حكم؟ أرجو أن أجد منكم إجابة شافية أطمئن بها على نفسي وعلى عبادتي الله يجازيكم الخير. معذرة على الإطالة ولكنني أحببت أن أوضح لكم وضعي وحالي كاملا حتى يكون لديكم صورة واضحة للحكم. والحمد لله بفضل الله وكرمه أخوكم الضعيف من المحافظين على الصلوات في الجماعة وفى المسجد بما فيها الفجر معظم الوقت والحمد لله. كلي شوق أن أسمع إجابتكم الشافية. أسال الله أن يجزيكم خيرا. ومعذرة على الإطالة أنا بحاجة إلى دعائكم لعل وعسى بدعوة منكم بظهر الغيب يخرجني من ضبق إلى سعة والحمد لله على حالي بما أنني لا أشكو حالي. والحمد لله بخير ودائما أنظر إلى من هو أدنى مني وأجد نفسي في سعادة لا تحصى ولا تعد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيرا على ما تقوم به ونسأل الله لك الثبات والتوفيق والعون على أداء هذه الأمانة العظيمة، فهنيئا لك على ما أنت فيه من نعم الله عليك وبر والدتك ورضاها عنك. نسأل الله لنا ولك المزيد من إنعامه والعون على شكره.

ولتعلم أن الاقتراض من أموال المتبرعين المرصودة لأعمال الخير أو إقراضها لا يجوز إلا بإذن المتبرعين كما سبق بيانه في الفتوى: 33592.

وأن على من يتولى جمع الزكاة والتبرعات وأعمال الخير.. أن يستشعر الأمانة التي تحملها، ويعلم أنه سيسأل عنها أمام الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته. متفق عليه.

والعامل في جمع الزكاة من قبل ولي الأمر أو جماعة المسلمين له أن يأخذ منها بوصفه عاملا، كما يجوز أن يعطى بوصفه فقيرا أو مسكينا أو مدينا، أما إذا كان متبرعا لجمعها أو وكيلا عن أصحابها على توزيعها فلا يحق له أن يأخذ منها بوصفه عاملا، وله أن يأخذ منها بالأوصاف الأخرى إن كانت الزكاة لعموم الفقراء كما سبق بيانه في الفتاوى: 78267، 38742، 10297، وما أحيل عليه فيها.

وبناء على ما سبق فإن عليك أن ترد ما أخذت من هذه الأموال إلى مكانها، وأن تستأذن من المتبرعين في الاقتراض من أموالهم إذا أردت الاقتراض من التبرعات، ولا يجوز لك أن تأخذ منها شيئا بغير إذنهم، ويجوز لك أن تأخذ من الزكاة إذا لم تدفع لأناس معينين ما يسد حاجتك بالمعروف أو يقضي دينك إذا كنت فقيرا أو مدينا. كما يجوز لك أخذ أجرة مثلك منها ولو كنت غنيا مقابل عملك إذا كنت مرخصا لجمعها من قبل ولي الأمر -الدولة- أو من ينوب عنه كما سبق بيانه في الفتاوى المشار إليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني