الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يلزم أحد الزوجين إخبار الآخر بماضيه السيئ حتى لا تعكر الوساوس والشكوك صفو الحياة بينهما

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.... أما بعد: أنا محتاج إلى المشورة والرأي الذي ربما يساعد فى تكوين أسرة مسلمة على أساس صحيح، وربما يمنع تكوين هذه الأسرة التي قد تكون الحياة فيها ليست على الأساس الصحيح، أنا شاب أشعر أنني حيران من أمر لا أقدر على أن أتحدث فيه مع أحد من المقربين لي، ربما لا يعلمه إلا الله تعالى حيث أدعوه فى صلواتي أن يريني الحق ويلهمني اتباعه، حيث إننى قمت بخطبة فتاة تعرفت عليها من خلال الإنترنت وهي تدرس فى إحدى كليات القمة وبعد حديث أو اثنين معها وجدت أنني ربما أرغب في الارتباط بها وهي كذلك بادلتني نفس الشعور وأنا سني 35 سنة وهي 24سنة، وجدت فيها الطيبة والالتزام من حيث المظهر وهي من أسرة طيبة وكريمة لا تعصي لي أمراً وتحبني جدا، وأعتقد أنني الآن أبادلها نفس الشعور، ولكن أنا كنت فى معظم فترات حياتي متعدد العلاقات مع الجنس الآخر، وطالما كنت أدعو الله أن يتوب علي لأن هذه المعصية كانت الوحيدة فى حياتي وكنت دائما أضعف أمامها، وهذه العلاقات ولدت بنفسي ظنونا وشكوكا تجاه أي فتاه وهذا ما دفعني إلى سؤال خطيبتي عن الماضي من حياتها، واستحلفتها وعلقت صحة وشرعية زواجنا على أن تقول لي الحقيقة كل الحقيقة وأكثر من ذلك أننى اتفقت معها على أنه بعد عقد قراننا سوف أحلف عليها إن لم تكن كل ما قالته لي هو الصدق وأنها لم ولن تخفي علي أمرا فى الماضي أو الحاضر أو المستقبل وإلا ستكون محرمة علي وهي وافقت وبدأت تحكي لي عرفت من خلال ما قالته لي أنها كانت تتحدث فى بعض الأحيان عبر الهاتف مع بعض الشباب ممن تعرفت عليهم من خلال الإنترنت وكذلك دفعتها زوجة خالها إلى مقابلة أحدهم لمرة واحدة فقط وكانت وقتها فى السنة الأولى فى الكلية وكان ذلك تحت إشراف زوجة خالها ودفعتها أختها حوالي مرتين إلى مقابلات مع شباب مرة تقابلت مع شاب ثلاث مرات دون أن يجلسا فى مكان فقط قاما بالمشي فى أحد المراكز التجارية اللهم أنها جلست فى المرة الثالثة مع هذا الشاب فى كافيتريا وكانت أختها معها أقسمت لي أن هذا الأمر كان أكثر ما فعلته خطأ فى حياتها وأنها فى هذه العلاقات الخاطئة لم تنسج علاقة مع أي من هؤلاء الشباب، ولم تستمر فى مقابلة أي منهم لأكثر من مرة واحدة وكانت تشعر بالاشمئزاز من هذا الأمر فكانت تنصرف بعد نصف ساعة أو ساعة من المقابلة ولا تكررها معه مرة أخرى، وأن المرة الوحيدة التي تقابلت مع إنسان لمدة ثلاث مرات هي المرة التي ذكرتها سالفا فقط، وكل هذه الأخطاء كانت حوالي خمس أو ست مرات طيلة حياتها، وكانت معظمها بدافع من أختها أو زوجة خالها أو صديقاتها، وأقسمت لي أنها لم يلمس أي من هؤلاء الشباب يدها وأنها لم تجر محادثه عاطفية أو غير ذلك معهم لا في التليفون ولا أثناء هذه المقابلات وأنها لم تشعر عمرها بالحب ولا العواطف لأي منهم، وأنها لم تتبادل كلمات الحب مع أحد طوال عمرها من الصغر حتى الآن وتعتبر أن هذه السقطات كانت بدون فهم وقلة خبرة الحقيقة يا سيدى أنا بعد أن علقت شرعية زواجنا على شرط الصدق معي في كل شيء فأنا لا أشك فى هذا الكلام ولكن أنا أصبت بحالة من الضيق وعدم الاتزان لما سمعت هذا الكلام وانتابني شعور بأن هذا الأمر سيظل معلقا بذاكرتي ولن أنساه بعد الزواج وفى الوقت نفسه أخشى إذا تركتها أن أكون ظالما، وخصوصا أنني ضغطت عليها لتحكي لي كل شيء، ماذا أفعل هل أترك خطيبتي أم أكمل معها مشوار حياتي أنا فى أشد الحاجة إلى النصيحة من أب أو أخ أكبر، أرجو أن تساعدني بالنصيحة فأنا طالما دعوت ربي أن ينير لي بصيرتي وربما أن تكون حضرتك السبب في راحة بالي من الشتات الذي بداخلي، ماذا أفعل أرجو أن يصلني الرد فى وقت قريب داعيا الله لكم ولكل من يساعد مسلما أن يجزيه الله عنه بمثل ما ساعده؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج بقوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.

وأرشد إلى الزواج بذات الدين بقوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه، فذات الدين هي خير ما يملك الرجل في هذه الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدنيا متاع، وخير متاعها: المرأة الصالحة. رواه مسلم.

لأنها تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، وتحفظه في نفسها، فإذا كانت الفتاة التي يستشيرنا الأخ في الارتباط بها متصفة بالدين والخلق (الطيبة والالتزام) كما ذكر، فنشير عليه بالارتباط بها، ولا يصده عن ذلك ما ذكر من علاقات سابقة مع بعض الشباب، دفعها إليها قرينات السوء، فإنها أخطاء وذنوب، لا يكاد يسلم منها أحد، فليس في بني آدم معصوم من الخطأ، كما ورد في الحديث: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه أحمد والترمذي.

فعلى الفتاة التوبة من هذه العلاقات والابتعاد عن قرينات السوء، فإذا تابت الفتاة، فلا تثريب عليها، ولا تحاسب على شيء تابت منه، ونرشد الأخ إلى عدم تعليق طلاق زوجته بالشرط المذكور وهو (في حال إخفائها شيئاً تكون محرمة) لأن هذا الشرط يعرض الحياة الزوجية للانهيار أو التنغيص.

فربما حدث خطأ -لا يسلم منه الإنسان غالباً- فإن أخفته حصل الطلاق وانهارت الأسرة، وإن أخبرت به تنغصت حياتهما، وحل الشك محل الثقة، ولأن فيه اتهاماً لها وتخونا لها، والأصل في المسلم السلامة، وقد أمرنا أن نأخذ بالظاهر ونكل السرائر إلى الله سبحانه، وننصح الأخ أن يتوب إلى الله من علاقاته المذكورة، وأن يحصن فرجه بالحلال، ونسأل الله عز وجل أن يتوب عليه وأن يكفيه بحلاله عن حرامه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني