الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تقبل توبة من كانت تدعو على أبيها بالموت؟

السؤال

كنت بعيدة عن ربنا، ولم أكن أصلي فترة طويلة من طفولتي ومراهقتي، وكنت أصلي صلاة متقطعة... ولم أكن أحب والدي... وللأسف لا أحب أن يأتيني في المدرسة بجلابية، وكنت أدعو عليه بالموت من ورائه، ولم يسمعها على لساني، لأنه كان يفضل أخي علي من وجهة نظري التي كان الشيطان يصورها لي، وهو طيب، وكان يحبني ويأتيني بما أتمناه، وكان يفرحني على قدر استطاعته.... ولم أكن أدعو عليه إلا في مواقف معينة، وهي التي أحس بالظلم والقسوة منه فيها، وآخر أيامه أصيب بجلطة في المخ، وفقد الأهلية، وأصيب بصرع، وكنت أتعامل معه بشكل عادي، لأنني من داخلي لم أكن أحبه، وكنت أميل لأمي أكثر، وقد مات أمامي أنا وإخوتي قبل الفجر بثوان، وبعدها حياتي تحولت إلى جحيم، وأصبت باكتئاب وعدم توفيق وإحباط... ومن رحمة ربنا علي أنه ألهمني الندم على ترك الصلاة، وقربني منه، ولم أكن أعرف أن ما أفعله عقوق، وكنت بعيده عن ربنا.... واستغفرت وانتظمت، وأبكي بندم كلما أتذكر ذلك.... وسؤالي: هل الله يقبل التوبة من كل الذنوب غير الشرك به؟ وهل يقبل توبتي ويتقبل أعمالي، وأنا ندمانة جدا؟ وهل العقوق من الذنوب التي تغفر بالتوبة.....؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يكن يجوز لك الدعاء على أبيك، ولكن ما دمت تبت إلى الله تعالى من هذا الذنب، فإن ربك تعالى غفور رحيم، وهو تعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها، كما قال: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. أخرجه ابن ماجه.

فأحسني ظنك بربك تعالى وثقي بواسع كرمه وعظيم بره، وأنه سيقبل توبتك ويقيل عثرتك، واجتهدي في بر أبيك بعد موته بالدعاء له والصدقة عنه ونحو ذلك، وتوبي من ترك الصلوات ومما كنت تقيمين عليه من المعصية، واجتهدي في القرب من الله تعالى، فإن القرب منه تعالى هو سبيل سعادة الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني