الفتاة إذا أقامت علاقة عاطفية هل يُستر عليها أم يُخبر وليها؟

28-12-2013 | إسلام ويب

السؤال:
نحن عائلة محافظة وملتزمة ـ أنا وأبي وأمي ـ لكن أختي ليست كذلك وهي أقرب إلى العلمانية من الإسلام رغم حجابها، وأختي عزباء، لكنها على علاقة بشاب سيئ، وحاولنا إيقاف هذه العلاقة بكافة الوسائل سواءً باستخدام النصح واللين.. أو القوة والتهديد وحتى السفر لكن لا نتيجة ترجى وخاصة أنها ليست صغيرة، فهي في 30 تقريبأً من عمرها، واكتشفت صدفةً أن أختي قد زنت بهذا الشاب وزنت بشابين آخرين بعضها منذ عدة سنوات وبعضها حديثاً، وهذا كلام أكيد لا شك فيه، وهو ليس شهادة أو نقلا من أحد، بل كلامها معه، وأنا في حيرة من أمري حالياً، فماذا يجب أن أفعل؟ وأغلب شباب مجتمعي ربما تتجه لقتل الزاني والزانية، لكنني أريد حلا شرعيا، فهذا ليس من الإسلام ولا يحل الخطأ بالخطأ، فهل أستر عليها كما حاول الرسول عليه الصلاة والسلام التستر على من جاءه زانياً؟ أم أخبر الوالدين مع أنني أخاف عليهما من الانهيار؟ وإذا علما بالأمر فقد نتبرأ منها، فهل يمكننا شرعاً أن نتبرأ منها ونتركها لحياتها؟ لم نعد نستطيع تحمل فجورها وهي لا تعتبر هذا فجوراً، بل حرية شخصية!! وهل نأثم إذا قاطعناها ولم نعد نتكلم معها وتركناها تعيش وحدها مع من تشاء؟ وكيفما تشاء؟ وهل نأثم أنا وأهلي لأننا مسؤولون عنها على اعتبار أن أبي راعٍ وهو مسؤول عن رعيته؟ ملاحظة: لا يمكن أن نسمح لها بالزواج بهذا الشاب الذي زنت معه مؤخراً، فهو كافر يشتم الله ليلا ونهارا ويشرب الخمر وبلا عمل، وحالياً علمت أنه زانٍ أيضاً، أفتوني جزاكم الله كل خير، أنا في حيرة في أمري، وهذا شيء لم نعتد عليه، ونار الغضب تشتعل في صدري.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت أختك على ما ذكرت من إقامتها علاقة عاطفية مع رجل أجنبي عنها، فإنها بذلك قد أتت أمرا منكرا، وقد أحسنتم بنصحها وتنويع أساليب محاولة إصلاحها، ومن أفضل وسائل الإصلاح الدعاء لها، وخاصة من قبل والديها فدعوة الوالد لولده مستجابة، روى ابن ماجه، وحسنه الألباني، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده

ووالدك هو ولي أمرها ويجب عليه الحزم معها والأخذ على يدها، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته..... الحديث. 

ولا ندري كيف ثبت لديك أنها قد فعلت الفاحشة، فالاتهام بمثل هذا أمر خطير، والأصل في المسلم السلامة، من أجل هذا شدد الشرع في أمر إثبات الزنا واشترط للشهود فيه شروطا ثقيلة سبق بيانها في الفتوى رقم: 49657.

ولمعرفة ما يثبت به الزنا انظر الفتويين رقم: 192643، ورقم: 54129.

وعلى فرض ثبوت زناها، فإن إقامة الحدود ليس لآحاد الناس، وإنما من شأن الحاكم، ولا يجوز الافتيات عليه في ذلك كما أسلفنا القول فيه بالفتوى رقم: 29819.

وإن تابت إلى الله ورجعت لرشدها فاستر عليها، وإن استمرت على ما هي عليه فأخبر وليها، فلا حرج في ذلك لأجل المصلحة، جاء في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد قوله: فإن النميمة إذا اقتضى تركها مفسدة تتعلق بالغير، أو فعلها مصلحة يستضر الغير بتركها لم تكن ممنوعة، كما نقول في الغيبة إذا كانت للنصيحة، أو لدفع المفسدة لم تمنع، ولو أن شخصا اطلع من آخر على قول يقتضي إيقاع ضرر بإنسان، فإذا نقل إليه ذلك القول احترز عن ذلك الضرر لوجب ذكره له. اهـ.

والتبرؤ المذكور إن كنت تعني به أن تتبرأ من أفعالها السيئة، فهو جائز، فقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.

وأما أن تترك تفعل ما تشاء: فلا، فوليها مسؤول عنها ـ كما ذكرنا آنفا ـ ولا بأس بأن تهجر إن غلب على الظن أن يفيدها الهجر، وراجع الفتوى رقم: 29790.

وإذا كان هذا الشاب على ما ذكر من الكفر بالله وسبه رب العالمين، فلا يجوز زواجها منه إلا إذا تاب، فلا تحل المسلمة  ـ ولو كانت فاسقة ـ لكافر، قال تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ..... الآية {البقرة:221}.

وراجع الفتويين رقم: 71499، ورقم: 118361.

والله أعلم.

www.islamweb.net