الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب عودة الاكتئاب رغم الاستمرار في العلاج؟ وما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أصبت بمرض الاكتئاب قبل خمس سنوات؛ حيث إني كنت مستلقيا على السرير، وبشكل مفاجئ تعرضت لنوبة من الذعر والهلع، والخوف، وخفقان القلب، وحزن شديد، لدرجة أني لا أستطيع أن أثبت في مكان واحد، أو أجلس، وفي حال جلست أشعر بضيق بالتنفس، وعدم الارتياح، ورغبة الأكل انعدمت نهائياً، ولا أستطيع النوم إلا لدقائق، وبعدها أفيق، لدرجة أني كنت أسأل الوالدة: هل سأعيش طول العمر على هذه الحالة؟ وكانت تهدئني، ولكني أنظر بنظرة سوداوية، فاقد للأمل، كنت أشعر أنه من الاستحالة العودة للحياة الطبيعية بعد هذه الحالة، هناك شيء بالمخ قد تغير.

بعد أسبوعين من المعاناة، وبمساعدة الأهل، ذهبت إلى الطبيب النفسي، وبعدما فحص الجسم فحصاً شاملا، وثبت أنه سليم -ولله الحمد- شخص الطبيب النفسي الحالة على أنها حالة اكتئاب، ووصف لي دواء السيروكسات بجرعات قليلة، ثم تم تزويدها، و-لله الحمد- عادت الحياة طبيعية بظرف أسبوع، وبعد التحسن أصبحت آخذ الدواء بشكل عشوائي متى ما تذكرته، مرة بالأسبوع أو مرتين، وأحيانا آخذه يوميا لمدة خمس سنوات.

أتممت دراستي الجامعية، وتخرجت، وأتتني فرصة للابتعاث، وذهبت، وأمضيت ستة أشهر بالغربة طبيعية، ومجتهداً بالدراسة، إلى أن أتتني نفس الحالة بشكل مفاجئ؛ اكتئاب، وحزن شديد، وأدركت حينها أني لن أستطيع إكمال دراساتي العليا بالغربة، وأني وحيد، وليس هناك شخص أشكو له، فاسودت الدنيا بوجهي، وحجزت وعدت إلى المملكة، وذهبت لنفس الدكتور، ووصف لي أيضا سيروكسات بجرعة (50) ملغ يومياً، ونصحني بالعودة فوراً لبلد الابتعاث؛ لكي لا تتأثر دراستي.

جلست بالمملكة شهرا تقريبا، و-الحمد لله- مع العلاج عدت طبيعيا، وبعد ذلك حجزت؛ لكي أعود لبلد الدراسة، وبالمطار شعرت بنفس الكآبة والحزن الشديد، وسوداوية، وشعرت أنه من المستحيل أن أعيش سنة كاملة وحيداً بدون أصدقاء، بدون أهل، أنا وحيد بغرفة صغيرة، فتماسكت، وأجبرت نفسي على ركوب الطائرة.

وها أنا الآن في ثالث يوم بعد العودة لأيرلندا، أعاني من اكتئاب شديد فترة الصباح، ويخف في فترة المساء إلى ضيقة وحزن وقلق، مع أني مستمر بالعلاج.

دكتور: هل أستطيع إكمال الدراسة؟ هل عاد المرض لإهمالي بالعلاج من المرة الأولى؟ أحس أني تائه، فترة الصباح أريد الحجز والعودة للمملكة، وكلما خف الاكتئاب؛ أندم، وأنا لا أريد أن أضيع هذه الفرصة على نفسي.

أتمنى المساعدة –دكتور- بماذا تنصحني؟ والآن آخذ العلاج الساعة السابعة صباحاً يوميا (50) ملغ.

آسف جداً على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فعادةً السفر إلى بلد أخرى بغرض العمل أو الدراسة يُشكِّل ضغطًا نفسيًا على الإنسان، وأحيانًا يؤدِّي إلى الشعور بالاكتئاب والضيق والتوتر، خاصة بعد مرور شهرين أو ثلاثة أشهر في المكان الجديد، ولكن تدريجيًا يتأقلم الشخص على هذا الوضع وتزول معظم هذه الأعراض.

وفي حالتك عندك تاريخ مرضي للاكتئاب، فإنك أكثر عُرضة لحدوث الاكتئاب عند الاغتراب أو الذهاب إلى بلد أخرى، وطالما فحصك الطبيب الذي عاينك أول مرة وهو في الأعم يُدرك حالتك بصورة جيدة، ويُدرك بعض المرض، وقد نصحك بالذهاب مرة أخرى، فهو على يقين بأن الغربة لن تؤدِّي إلى تدهور شديد في حالتك؛ ولذلك أنا معه وأؤيد رأيه في أن تواصل دراستك، وتواصل العلاج، لا تقطع العلاج طيلة ما كنت هناك، استعمل الجرعة التي وصفها لك، خمسين مليجرامًا يوميًا، ولا تقطع العلاج حتى تنتهي مدة الدراسة.

عليك طبعًا بالاتصال مع أهلك بانتظام، والحمد لله تعالى الآن وسائل الاتصال أصبحت رخيصة ومُتاحة مثل الـ (واتس أب) أو (الفيس بوك) أو (سكايبي)، فيمكنك الاتصال بهم بانتظام، وإرسال صور عن البلد الذي تعيش فيها، والسؤال عن أخبارهم، فهذا يُخفف كثيرًا عنك، كما أنه أيضًا بعد أن تكسب أصدقاء ومعارف وتتأقلم على جو البلد وتقاليدها، فإن شاء الله تخف معظم هذه الأعراض، ولكن عليك بالاستمرار في تناول الحبوب، والاستمرار في الدراسة، وإن شاء الله تعالى تقضي هذه الفترة بسلام.

وفَّقك الله، وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً