الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تكثر من الدعاء علي وأخاف أن يستجاب لها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أشكركم على مساعدة الناس في همومهم ومشاكلهم، جزاكم الله خيرًا.

أنا فتاة عمري17 سنة، أعاني كثيرًا بسبب أمي، فأنا أحبها كثيرًا، وهي تعمل، لذلك أقوم أنا بأعمال المنزل، لكنها عصبية جدًا، وبسبب أبسط الأمور تدعو علي بالشر، وعدم الفلاح في الدنيا والآخرة، فتقول: (ملاك، الله لا يربحك ولا يريك الربح لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة)، والكثير من الأدعية المشابهة، حتى لو وجدت ملعقة أو كأسًا في غير مكانها تدعو علي!

أنا متفوقة في دراستي، والسنة القادمة سأكون في البكالوريا، وهذه المرحلة تحدد مستقبلي، وأنا أخشى أن يستجيب الله دعاء أمي علي، فيضيع مستقبلي، لذلك فأنا كل يوم أبكي حتى في الصلاة.

أبي أيضًا يعاني منها، فهي تصرخ وتدعو عليه دومًا، وأنا أطلب من الله في صلاتي أن يهديها، وأيضًا عاهدت نفسي أن أول راتب أحصل عليه أرسل به أمي للعمرة والحج، لكني أخشى أن لا أجد عملاً بسبب دعائها المستمر، ولا أنجح في دراستي، فماذا أفعل؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: إننا نحمد الله إليك حبك لوالدتك وحرصك على طاعتها، ونسأل الله أن يبارك لك في عمرها، وأن يرزقك برها.

ثانيًا: دعوة الأمّ على ولدها من الدعوات المستجابة، فعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم:(ثلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ).

ولكن ذكر أهل العلم أن من فضل الله علينا أن الدعاء الذي يصدر بغير قصد حال الغضب لا يستجاب، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: "وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ".

وقد نقل الإمام ابن كثير في تفسيره تلك الآية ما يلي: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه - لطفًا ورحمة.

ثالثًا: قد ذكر أهل العلم أن استجابة دعاء الأم على ولدها تكون عند ظلم ولدها لها أو عقوقه لها، قال ابن علان: ودعوة الوالد على ولده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه ".

وعليه فلا نريدك أن تقلقي، كما نوصيك بأمرين:

الأول: الاجتهاد في برها وعدم إغضابها، ومحاولة إزالة الأسباب التي تدفعها إلى الدعاء.
الثاني: لا بد أن تعلم الوالدة خطورة الدعاء على الولد، ولكن بطريق غير مباشر كسماع حلقة إذاعية، أو عن طريق بعض الأخوات الداعيات، أو إن كانت تصلي الجمعة في المسجد فعن طريق إمام المسجد، المهم أن يكون بطريق غير مباشر وبعيدًا عنك.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً